علمانية الغنوشي يشظيها إلى جزئية وإجرائية امعاناً في خلع الأبواب وتسلق الأسوار الفكرية على الأمة – بقلم خالد زروان

3 مارس 2012

  تلبيس

علمانية الغنوشي يشظيها إلى جزئية وإجرائية امعاناً في خلع الأبواب وتسلق الأسوار الفكرية على الأمة
بقلم خالد زروان 
 
 
 
من مقر مركز دراسة الإسلام والديمقراطية الأمريكي في تونس وفي إشارة إلى إمتداد المشروع الأمريكي الذي ابتدأ منذ سنة 1997 وبمشاركة الغنوشي والقرضاوي واسبوزيتو ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي وثلة آخرين من نخبة -تقرأ "نكبة"- المنطقة والذي يهدف إلى إصلاح الحضارة الغربية وتمييع الإسلام فيها (3)، يعلق الغنوشي أنه لا تعارض بين الإسلام والعلمانية، في ظرف يتم التداول في مجلس الإلتفاف على الثورة حول موقع الإسلام فيه، وما دام العلمانية أصبح مفهوماً مفضوحاً ومنكسراً في أذهان الشباب الواعي على دينه والذي يتوق إلى تطبيق الإسلام، فإن الغنوشي يعمد إلى تشظية المصطلح إلى جزئية وإجرائية من أجل تمريره … من أجل أن يتيسر عليهم إبلاعكم الحربوشة.
 
وحتى يكون واضحاً للجميع، فإن:
 
1- العلمانية الجزئية هي الجانب الفكري: فيقول الغنوشي بأن كل ما يخص الحكم والقضاء الذي قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدولة، قد كان إجتهاداً منه وكان من الدنيا وليس من الدين. وبالتالي يخلعون الباب فكرياً من أجل إدخال للعلمانية كاجتهاد إنساني وللديمقراطية كآلية.
 
2- العلمانية الإجرائية هي الجانب العملي: بمعنى العملية أو التي يتردد في الإعلام ذكرها من طرف المتعلمنين الجدد: آلية. يعني من أجل الوضوح، هي: الطريقة. من أجل الوضوح كذلك، يعني أن الدولة تلتزم الحياد من الدين وتكون معاملاتها مبنية على غير فكر يسمونه "ديني" -اسوة بالمظرين الغربيين للدولة المدنية العلمانية- ويقصدون به الإسلام. بمعنى أن لا تبني الدولة سياساتها على أساس الإسلام وإنما على أساس يعتبرونه  "حيادي" بين الأديان. بمعنى أكثر وضوح: الدولة لا تلتزم الحكام الشرعية ولا تلتزم نظم  الإسلام… وإنما هي إجتهادات يمكن أن نأخذاها حتى من انجلز وماركس ولينين ورور وهيغل كما يقول القرضاوي … (0)!
 
ولفهم مدخل الغنوشي للعلمانية الجزئية هذا رابط (1) فيه مقال له " الإسلام والعلمانية- الشيخ راشد الغنوشي -" صدر في موقع "اخوان ويكي" وفيه توضيح للمدخل -وشدوا رواحكم أن لا يغمى عليكم من ضحالة ما تكتشفون، وشخصياً لا يساورني شك  في دسه المتعمد للفكرة لأنني لا أصدق أن الغنوشي لم يكن يعلم ما يقول.
 
مدخل منظر "العلمانية الجزئية"، راشد الغنوشي، في التوطئة للعلمانية:
"ثانيا: العلمانية بصفتها بحثا حرا عن الحقيقة لا قيود فيه على العقل ولا على التجربة والاستقصاء غير ما يفرضه العقل على نفسه من قيود منهجية، ومن احترام لإنسانية الإنسان، العلمانية هذه بصفتها حرية مطلقة للعقل في البحث والنظر والتجربة لا يعترضها من مصادر الإسلام معترض.
القرآن كله دعوة للنظر في كل شيء في الكون والحياة والإنسان، باعتبار ذلك تجليا لعظمة الخلاق والسبيل إلى معرفته وعبادته "زيادة العلم بالصنعة يزيد علما بالصانع" كما ذكر الحكيم ابن رشد." (1)  إنتهى
 
راشد الغنوشي، يصور للناس في مقاله أن "العلمانية" -برفع العين-، مصدرها "العلم" -بكسر العين… ليستنتج منه بعد ذلك، فصل ألدين عن الدولة والحياة، أي المعنى الحقيقي للعلمانية برفع العين!
 
حقيقة، ذكرني هذا بتوصيات المراكز الغربية للحرب الفكرية على الإسلام التي أوصت بإلباس نظرية التطور الإلحادية في النشوء والإرتقاء لداروين مسوح العلم وبأنها ضرورية من أجل ولوج باب أي علم تجريبي … وبدافع حب المسلمين للعلم والعلماء يصلون مع الوقت إلى تبني نظرية داروين وضرب الإيمان بالله وضرب عقيدة المسلمين … وقد كتبنا فيها مقالاً موجوداً على الانترنات بعنوان "محاربة الإسلام من خلال نظرية التطور" (2).
 
نحن ندرك والكثير يدركون -وسؤالي هل الغنوشي يجهل؟-، أن "العلمانية" هي برفع "العين" لغة، تعني الدنوية أو الدهرية أي فصل الدنيوي عن الأخروي، وإصطلاحاً، هي فصل الدولة والحياة الغربية عن الكنيسة والدين المسيحي. فهل الغنوشي، يجهل هذا وبذلك يكون كأبي رغال في استباحة قومه وحمقه وخلعه الباب على المسلمين من أجل إقحام مفاهيم تحارب الإسلام في صميمه من حيث هو عقيدة ونظام حياة كامل متكامل وشامل لكل شؤون الحياة والدولة والمجتمع؟ أم أنه يعلم ذلك ولكنه يلبس على الناس دينهم، ويكون خائناً للدين وللأمة؟! وأرجح الثانية وهذا المقال يوضح المشروع الذي يعمل لإنجاحه الغنوشي بالوكالة عن الأمريكان -وأنصحكم بالتأني في قراءته وفي مراجعة مراجعه بالخصوص وبصفة أخص بالتعمق في البحث أكثر لإكتشاف مسار الإلتفاف على الثورة بهذه الثورة المضادة التي تستوزر الدين من أجل افراغه من محتواه والإلقاء ببلادنا الإسلامية وعبادها وثرواتها وثوراتها إلى العدو (3)!
 
أما العلمانية الإجرائية، فلا أدل على باطلها ومناقضتها للإسلام من كونها تنكر النظم الإسلامية جملة وتفصيلاً وتدعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم مارس رئاسة الدولة باجتهادات دنيوية وليس بوحي من الله وبأن الحكم والقضاء والإقتصاد وغيرها مما له إتصال بالدولة ليست من الدين، وتجعل بذلك الدولة منفذة لنظم وشرائع الكفر بإعتبارها اجتهادات إنسانية و بدعوى "حيادية" الدولة!
 
"إن الحكم إلا لله" -آية- "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" -آية-.
 
خالد زروان 
 
مقالات ذات علاقة:
(0) "وسطية" القرضاوي التي أودتة المهالك! خالد زروان 
http://almostanear.maktoobblog.com/1133/%D9%88%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%B6%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%A3%D9%88%D8%AF%D8%AA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%83-%D8%A8%D9%82/
 
(1) “العلمانية الجزئية” أو تلبيس راشد الغنوشي -خالد زروان-
http://almostanear.maktoobblog.com/815/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%88-%D8%AA%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B3-%D8%B1%D8%A7%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%86/ 
 
(2) محاربة الإسلام من خلال نظرية التطور -خالد زروان-
http://almostanear.maktoobblog.com/344/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1/
 
(3) الثورة المضادة: ثورة أمريكية شاملة وحرب ناعمة على الإسلام بأموال وأبناء المسلمين! -بقلم خالد زروان-
http://almostanear.maktoobblog.com/1025/%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B6%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%AD%D8%B1/
 
 

احزاب البغاء والغباء السياسيين في مواجهة حزب التحرير! بقلم خالد زروان

15 فيفري 2012
الثورة متواصلة  
 
احزاب البغاء والغباء السياسيين  في مواجهة حزب التحرير!
بقلم خالد زروان 
 
من حين لآخر يخرج احدهم – نقصد احزاب البغاء والغباء السياسيين الحاكمين بأمر البيت الأبيض اليوم في تونس- ليقول أنه سوف يرخص لحزب التحرير أو أن الرخصة هي قيد الدرس أو أنه قد أعطى أوامره بإعطاء الرخصة لحزب التحرير … في مشهد دراماتيكي إستحماري قل نظيره…!
هذا الوضع المبحك -مبكي/مضحك على وزن متشائل-، الغرض الوحيد منه هو محاولة المس من مصداقية وبلاغة المقاربة الفكرية السياسية لحزب التحرير. كيف؟
 
لنرى الواقع كما هو:
– نظام لا شرعي من وجهة نظر الإسلام التي يقوم عليها حزب التحرير، فكيف يمكن لفاقد الشرعية الإسلامية، الشرعية الوحيدة لشعب تونس المسلم الثائر، أن يتحدث عن شرعية؟
– نظام لا شرعي في نظر الشعب -صاحب السلطان- بإعتبار أنه كان نتاجاً عن مسار سياسي قائم على إنتخابات التفافية على ثورة الشعب، قام عليها النفوذ الغربي وقد بنيت على نظام إنتخابي يزور إرادة الشعب فيها (1).
– من المهازل أن نرى من لا يجمع وراءه 1% من التونسيين يصبح رئيساً للبلاد بل ويحاول إحتكار الشرعية، بل ويتطاول على الشرعية الإسلامية التي يرتكز عليها حزب التحرير وعلى الشرعية الشعبية التي تحتضن حزب التحرير … محاولة لإدخال حزب التحرير تحت سقف شرعية واطية وهي شرعية السفارات الأجنبية والقوانين الوضعية المفروضة عن طريق النفوذ الأجنبي.
– من المهازل أن نرى احزاب البغاء والغباء السياسيين الذين حذرناكم منهم من قبل هروب بن علي (2) يحاولون، في إطار ثورتهم_الأمريكية_المضادة لثورة الشعب، إحتكار الثورة بل ويتكلمون بإسمها، في إختطاف مفضوح لإرادة الشعب واستغباء واستحمار للثائرين … بل وقد وصل بهم الحال أن ادعوا أنهم هم من أشعل الثورة وارجو أن لا ينسى الثائرون إقتراحات حركة الإلتفاف على الثورة الحالية يوم 13 جانفي 2011 على بن علي تكوين حكومة وحدة وطنية بقيادة الجبالي، الحالي!!!! فلو لم يكمل الشعب خروجه يوم 14 جانفي قد نكون اليوم بنفس الحكومة وبن علي في مكانه … بمعنى أن الحال اليوم هو الحال أمس… هرب بن علي أم لم يهرب!
– فاقد الشيء لا يعطيه. كيف بمن إفتقد لشرعية الإسلام وللشرعية الشعبية أن يتظاهر بإمكانية منح شرعية عمل لحزب التحرير؟!!! فهموني!
– محاولة التعقيب على أحكام الله التي يستند إليها حزب التحرير في قيامه بعمله هو تطاول على الشرعية الإسلامية فالله تعالى يقول "والله يحكم لا معقب لحكمه"! فالقيام بالفرض الشرعي الذي يقوم به حزب التحرير، هو واجب وفد فرضه رب العالمين ولا يتوقف القيام به على ترخيص. فمحاولة التعقيب على أحكام الله حتى بالتظاهر بالقبول الذي يفيد أنه هناك إمكانية الرفض، انما هي محاولات تطاول على دين الله ندينها كما ندين اصحابها!
 
فهذه البلاغات المتتالية حول "رخصة لحزب التحرير"، انما يرجون منها:
0- البحث عن تقعيد شرعية لهم، وهذا يظهر في كل ظهور إعلامي لممثلي احزاب البغاء والغباء السياسيين محاولين تجيير الثورة والحديث بإسمها!
1- البحث عن إعتلاء الشرعية الإسلامية التي يستند إليها لوحدها حزب التحرير وذلك بإمكانية التعقيب عليها. وهذا ما اسميناه "محاولة المس من مصداقية وبلاغة المقاربة الفكرية السياسية لحزب التحرير". فإذا قبل حزب التحرير بمقاربة أنه هناك من يمنح ويمنع الرخص، فهذا بحد ذاته يعتبر إختراقاً فكرياً ومساً من مصداقية وبلاغة المقاربة الفكرية السياسية لحزب التحرير والتي ترفض وتكفر بأي شرعية غير الشرعية الإسلامية.
خالد زروان 
 ________
(1) نظام المحاصصة الإنتخابي وتزوير إرادة الشعب بقلم خالد زروان
http://almostanear.maktoobblog.com/951/%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B5%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%AA%D8%B2%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%A9/
 
(2) ترشيداً لثورة تونس وتيمناً بها -10 يناير 2011 الساعة: 10:33 أي 4 أيام قبل هروب بن علي-
إنتهازية عناصر تدعي المعارضة وركوبها على الأحداث
http://almostanear.maktoobblog.com/651/%D8%AA%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%8B-%D8%A8%D9%87%D8%A7/
 
 

إلى عقبان الشام وعقبان الثورة في كل مكان: احذروا الخفافيش مصاصة الدماء واحذروا الغربان!

5 فيفري 2012

 

ا�ذروا الخفافيش مصاصة الدماء والغربان

إلى عقبان الشام وعقبان الثورة في كل مكان: احذروا الخفافيش مصاصة الدماء واحذروا الغربان!

ولا تؤمروا عليكم إلا عُقاباً ولا ترفعوا إلا راية العُقاب، راية رسول الله صلى الله عليه وسلم 

 

وهذا لم إختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لرايته وللجنود الذين يحاربون تحتها لاعلائها إسم  العُقاب (بضم العين). وهم نوع من انواع الرجال، كالعقاب ليس كبقية الطيور. فما صفات الرجال العُقبان؟

 
العقاب من الجوارح النبيلة القوية، يخلط المعاصرون بينه وبين النسر، مع أنه أشرف من النسر وأنبل، فهو كائن قوي، تعكس ملامحه العزيمة والصلابة، لا يأكل إلا مما يصيد، وينقض على طرائده من عل، وله نظر ثاقب يضرب به المثل، فيقال: (أحدُّ من نظر العقاب)، وسمت العرب بها أبناءها، وجعلته دول كثيرة شعارها، وفي عملتها، وعلى ثياب جنودها.
 
وكان العُقاب شعار القائد المجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي، وهو مرسوم على أسوار قلعته بالقاهرة!
 
وهو مرتفع بنفسه، لا يحب السفوح، ولا المنخفضات، بل دائمًا في العلياء يحلق، وفي القمم يستقر، وهو أيضًا  شديد الحذر، حديد البصر، خفي السفاد (أي يتوارى عن الأعين في اللحظات الحميمة مع المدام بتاعته) وهذه صفات كلها حميدة، رغم أنها كلها متعبة مكلفة.
 
وإذا كان من الرجال رجال صراصير، يحبون البلاعات والمجاري (الأخلاقية والعقيدية والسلوكية) ويرتاحون للزبالة من كل شيء، ويستروحونها، ويرونها أجمل من ربوع مكة المكرمة ورحاب الروضة الشريفة، وجبال سويسرا، وغابات ألمانيا، وشواطئ الريفييرا! فإن من الرجال نبلاء عُقبانًا ينشغلون بالكمالات، والمكارم، ومعالي الأمور؛ مع ما يكلفهم ذلك من كبَد ومعاناة، وغرامات من المال والجهد والوقت والتعرض للأذى:
 
ومن تكن العلياء همةَ نفسه……فكل الذي يلقاه فيها محببُ
لا تحسبن المجدَ تمرًا أنت آكلُهُ……لا بد دون الشهد من إبرِ النحلِ
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ……فلا تقنع بما دون النـجومِ
إذا المرءُ لَم يدنس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ …. فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
 
فأحدهم يستعذب العذاب، ويستمرئ العناء، ويصبر على اللأواء، لأنه صاحب همة، وصاحب مروءة، ويرى أنه خلق عُقابًا، ليكون في الأعالي، ويتربع على القمم، تأملوا معي مثلاً هذا الرجل العجيب، الذي يضع نفسه في موضع النجم بقيمه ونبله، حين يقول:
 
وإن الذي بيني وبين بنـي أبي…….وبين بني عمي لمختلفٌ جــدا فإن أكلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهم…….وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا وإن قدحوا لي نارَ حربٍ بزندهم…….قدحتُ لهم في كل مكرمةٍ زندا وإن ضيعوا غيبي حفِظت غيوبهم…….وإن هووا غيي هويت لهم رشدا ولا أحمل الحقدَ القديم عليهمُ…….وليس رئيسَ القوم من يحمل الحقدا لهم جُلُّ مالي إن تتـابع لي غنىً…….وإن قل مــالي لم أكلفهم رِفدا وإني لعبد الضيفِ ما دام نازلاً…….وما شيمةٌ لي غيرهـا تشبه العبدا
 
رجل عجيب، يهوى – بهمته – وجع الراس، ويسلك سلوك النبل والسيادة، وحراسة القيم، والحقوق، حتى لو ترك ذلك أهلُه وأقرب المقربين منه، وما يضيره إذا كان عُقابًا حين يرضي آخرون بحياة الصراصير؟!
 
وأخلاق الرجال العقبان تتجلى في أشياء، منها: 

** أنهم لا يسقطون على الناس الناقصين، بل لا يعاشرون إلا الكرام والمستقيمين، ولا يجالسون إلا النبلاء والصالحين؛ قال أبو حاتم رحمه الله: أجمع أهل التجارب للدهر، وأهل الفضل في الـدين، والراغبون في الجميل على أن أفضل ما اقتنى الرجل لنفسه في الدنيا، وأجل ما يدخر لها في العقبى، هو لزوم الكرم، ومعاشرة الكرام؛ لأن الكرم يحسن الذكر، ويشـرف القدر، وهو طباع ركـبها الله في بني آدم، فمن الناس من يكون أكرم من أبيه، وربما كان الأب أكرم من ابنه، وربما كان المملوك أكرم من مولاه، ورب مولى أكرم من مملوكه.

وحين أراد أبو حاتم نفسه أن يحدد ما يقصد بالرجل الكريم قال: الكريم من إذا أُعطي شكر، وإذا مُنع عذر، وإذا قُطع وصل، وإذا وصل تفضل، ومن إذا سأله أحد أعطاه، ومن لم يسأله ابتدأه، وإذا استضعف أحدًا رحمه، وإذا استضعفه أحد رأى الموت أكرم له منه، واللئيم بضد ما وصفنا من الخصال كلها؛ قلت: وهو الصرصور!

وقال كذلك: الكريم يلين إذا استُعطف، واللئيم يقسو إذا ألطف، والكريم يُجل الكرام، ولا يهين اللئام، ولا يؤذي العاقل، ولا يمازح الأحمق، ولا يعاشر الفاجر، تراه مؤثرًا إخوانه على نفسه، باذلاً لهم ما ملك، إذا اطلع على رغبة من أخ لم يدع مكافأتها، وإذا عرف منه مودة لم ينظر في قلق العداوة، وإذا أعطاه من نفسه الإخاء لم يقطعه بشيء من الأشياء.
 
** ومنها أن الرجل العُقاب، لا يأكل من فضلات غيره، ولا يسطو على عرق أحدٍ وعمله، فينسبه لنفسه، ولا يغير على عرضه فيستبيحه ويلِغ فيه، ولا يسطو على ماله فينتهبه، ولا يستبيح غيبته بما يسوؤه، فهو دائمًا في ارتفاع؛ يربأ بنفسه عن المخازي، ويعلم أن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها. يقول القاضي الجرجاني رحمه الله:
 
يقولون لي فيك انقباض وإنما … رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم … ومن أكرمته عزة النفس أكرما
ولم أَقْضِ حق العلم إن كان كلما … بَدَا طمَعٌ صيَّرته لي سُلَّما
وما زلت منحازًا بعرضي جانبًا … من الذل أَعْتَدُّ الصيانة مغنما
إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى … ولكن نفس الحر تحتمل الظما
أنزّهها عن بعض ما لا يشينها … مخافة أقوال العِدَا فيمَ أو لِما
فأُصبحُ عن عيب اللئيم مُسلَّما … وقد رحت في نفس الكريم معظَّما
وأقبض خطوي عن حظوظ كثيرة … إذا لم أنلها وافر العِرض مكرما
وأُكرم نفسي أن أضاحك عابسًا … وأن أتلقَّى بالمديح مذمَّـما
وكم طالبٍ رقّي بنعماه لم يصل … إليه وإن كان الرئيس المعظما
وكم نعمة كانت على الحُرّ نقمة … وكم مغنم يعتده الحر مغرما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي … لأخدم من لاقيت لكن لأُخدما
أأشقى به غرسًا وأجنيه ذلة … إذا فاتِّباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم … ولو عظموه في النفوس لعظَّما
ولكن أهانوه فهان ودنَّسوا … محياه بالأطماع حتى تجهما
وما كل برق لاح لي يستفزني … ولا كل من في الأرض أرضاه منعما
 

** كذلك هو لا يستعرض لحوم نسائه، ولا يعرضها على النسور – واللي ما يشتري يتفرج – بل هو (خفي السفاد) وهذا من عجيب الأمور، فأين منه الصراصير المتحضرة، التي** تحب أن تعرض وتستعرض، وتكشف وتنكشف، وتفضح وتنفضح؟!

** ومنها أن الرجل العُقاب أسير الجميل، إذا أحسنت إليه مرة حملها لك مدى عمره، لم ينس مكرمة غيره، في حين لا يذكر من عمـل نفسه شيئًا، إذا أحسنت إليه أسرته واستعبدته:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَهُ……وإن أنت أكرمتَ اللئيم تمردا
 

** ومنها أنه لا يرضى بالدنية، ولا يقبل الإهانة، بل هو عَيوف، صَدوف، خصوصًا إذا ديس على طرفه، أو غُمز كبرياؤه، أو أحس بتلميح لا يليق:

خلقت عيوفًا لا أرى لابنِ حُرةٍ……عليّ يدًا أُغضي لها حين يغضبُ
إذا أنا لم أعـط المكارم حقـها……فلا عَزني حال.. ولا عـزني أب
 

** وهو كائن صبور حليم، واسع الصدر، يصبر، ويتجاوز، ويحلم ويصفح، ويسبق بالعطاء، ويكظم عند الابتلاء، فإذا أسرته قهرته، وكنت على وشك من قتْلِه.

والعُقاب لا يتلون، ولا يتظاهر، ولا يتماوت، ولا يحب الضعف والضعفاء، وسعادته أن ينطلق على مخدات الهواء، يطفو الهويـنى، كأنما ينزلق على الماء، دون اكتراث، ولا تعمُّل؛ فالجو ملعبه، والنسيم مستراحُه، والغيوم منتجعه.
 
** وهو عصيٌّ أن يؤكل أو يشوَى أو يُطبخ، أو تعبث به النساء ذوات العضلات في السجون (الحرة) وعصيُّ كذلك أن ينحني، أو يهادن، أو يلين، لذا فالحل معه أن يُنـتف ريشه، أو يكسر عظمه ومنقاره، أو يخنق من عنقه، أو يطارَد فراخه في أعشاشها، أو تُنقض هذه الأعشاش، وتقوض، وأن يُرش هو ذاته بالسموم والنابالم، والمواد الكيماوية، واليورانيوم المنضب، والقنابل الألف رطل، والفسفور الأبيض،وأن يقطع إربًا، فقط ليقول: آه، أو لعله يتوسل ويرجو؛ تحت طائلة لغة قهر الرجال!
 
كتبه عبد السلام البسيوني -بتصرف بسيط
 
 

التدويل … المؤامرة المفضوحة التي لا يخجل منها دعاتها ! بقلم الدكتور ماهر الجعبري

4 فيفري 2012

 

الآساد والفساد
 
التدويل … المؤامرة المفضوحة التي لا يخجل منها دعاتها !
 
الدكتور ماهر الجعبري
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
 
 
يجري الإعداد لمشروع قرار عربي أوروبي بشأن سوريا يطرح على مجلس الأمن الدولي، في ظل خلافات وصراعات استعمارية على النفوذ والمصالح، ويتركز الخلاف حول نص يدعو إلى تنحي بشار، ومن الواضح أن القرار الذي يتبلور، يدور الآن حول "حل سلمي" حسب خطة جامعة الدول العربية، دون نقل السلطات أو الصلاحيات من بشار.
 
إن المتابع لكواليس الأمم المتحدة يدرك بوضوح كيف وقفت روسيا علنا تحمي نظام بشار المجرم، لتحمي من خلفه مصالحها، فيما حاول المجلس الوطني السوري طمأنتها بلا جدوى، حيث هددت روسيا باللجوء إلى الفيتو ضد أي قرار يتعلق بسوريا تراه "غير مقبول".
 
وبينما تتحدث أمريكا لغة إعلامية مخادعة تسترضي من خلالها المشاعر الساذجة، فإن أعمالها السياسية تتركز في إطالة عمر نظام بشار، من خلال تحريك جامعة الدول العربية، التي هي أداة سياسية مسخرة بيدها، ومفضوحة أمام الثائرين الذين رفعوا شعار "الجامعة العربية تقتلنا".
 
وستُبقي أمريكا على هذا النهج حتى تؤمّن بديلا لبشار، ينقذ نفوذها في سوريا ويقطع الطريق على المخلصين في الثورة، ويديم "النسيج السياسي" المعقّد في المنطقة، والذي حاكته أمريكا طيلة عقود من المكائد والمؤامرات السياسية، تمكّن فيها النظام السوري من الإدعاء بالممانعة فيما ظل يلهث مرارا خلف الحلول السلمية مع كيان اليهود، واحتضن رموز المقاومة فيما حمى حدود دولة الاحتلال، ولم يعبر تلك الحدود "الآمنة" أي مقاوم !
 
ومن الملاحظ أن عملية تولّد البديل-العميل لأمريكا ظلّت عسيرة أمام مقاومة وإخلاص الثائرين على الأرض، والذين لم يستطع المجلس الوطني الهزيل احتواءهم، وخصوصا أنهم كشفوا عن ميل هذا المجلس عن الأمة نحو الغرب، ومحاولاته لإعادة تشكيل الثورة -من خلال التدويل- على غرار "الثورات" التي اختطفها الاستعمار البريطاني والفرنسي قبل عقود عندما سحب قواته وأبقى رجالاته.
 
وفي سياق لهث المجلس الوطني المفضوح خلف التدويل، تكررت محاولات دفع فكرة التدويل وفرضها على أهل الثورة على الأرض في سوريا، فمثلا تكرر حسم التصويت لشعارات وعناوين للجمع الثورية في الشام أبطلت التدويل، مثل جمعة "دعم الجيش السوري الحر" وجمعة "إن تنصروا الله ينصركم"، ومع ذلك عملت بعض الأيادي التي تتحرك مع المجلس الوطني على إقحام التدويل ضمن شعارات تلك الجمع، فخطت في ذيل تلك الشعارات "يبقى التدويل مطلبنا"، و" "التدويل مطلبنا" في محاولة لتزييف إرادة الثوار وتطلعاتهم.
 
ولقد شاركت بعض الفضائيات في دفع مؤامرة التدويل، منها فضائية الجزيرة التي أعلنت ليلة جمعة "إن تنصروا الله ينصركم"، على أنها جمعة "التدويل مطلبنا"، قبل أن يخذلها الثائرون على الأرض، فعادت في اليوم التالي ورضخت لشعارهم الصحيح.
 
إن من يدعي ثورة تستقوي بالأجنبي وتتعهد له بحماية مصالحه لا يمكن أن يدّعي نضالا ضد الاستعمار، وإن الثورة الحقيقية التي يخوضها الناس على الأرض هي التي ستخلع بشار وأعوانه بسواعدهم بعد إيمانهم، وتبقى مخلصة خالصة لا تتلوث بالتدويل الذي يمكّن المستعمر من رقاب المسلمين، لتبقى ثورة حتى الخلافة.
 
 
الدكتور ماهر الجعبري
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
   
12 من ربيع الاول 1433
الموافق 2012/02/04م

يا أهلنا في تونس:”كنتم أول من خلع الظالمين.. فكونوا أول من يقيمون الدين!”

22 ديسمبر 2011

 بسم الله الرحمن الرحيم

كنتم أول من خلع الظالمين.. فكونوا أول من يقيمون الدين

الخلافة من جديد

لقد كانت إرادة الله أن يكون أهالي سيدي بوزيد سباقين إلى اختراق حالة الخوف والرعب التي وضع النظام السابق عموم البلاد فيها، وبدا منهم عناد وإصرار قلّ نظيره تنامى في البلاد فأصبح مدّا عارما في كل أرجائها.. وحدث ما حدث وانخلع الطاغية وانفتحت الثغرة "وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون"، ورغم محاولات الالتفاف من المهزومين والعملاء فقد جدّدتم، يا أهلنا الأعزاء، العزم واستأنفتم الجهد وتسلّحتم باليقظة.. فكان اللقاء بيننا وبينكم في تحقيق الواجب الأهم والأعلى:

1) إزالة الطاغوت بعد الطاغية، أي الحكم بغير ما أنزل الله؛ لأن أصل البلاء هو فصل الدين عن الحياة، فالحكم بغير ما أنزل الله هو عين الكفر والفسق والظلم كما بيّن رب العالمين.

2) دحر العملاء المندسين في مفاصل الحكم والحياة والإدارة الذين يسعون إلى الانحراف بإرادة النّاس لتكون خادمة للدول الكبرى مهما كان العنوان الزائف الذي يتعللون به.

3) خلق أجواء إسلامية ترفع الهمة وتحفز الأمل لتكون هذه الثورة مقدمة لثورة إسلامية كبرى تعز الإسلام وأهله؛ فتعيد وحدة البلاد الإسلامية ليكون عرضها واحدا وثرواتها واحدة وحربها وسلمها واحدة، ولتحقيق الحياة الطيبة والعيش العزيز.

c: جرت العادة أن الغرب وعملاءه يلتفون على أي مكسب شريف لهذه الأمة وينغصونه لينقلب من نعمة إلى نقمة من خلال انعدام الوعي والإخلاص، وها هم الآن متكالبون للدفاع والتمكين لفكرهم ومصالحهم ورجالاتهم.. يريدون أن يجعلوا من هذه الثورة الطيبة مرحلة جديدة لانتكاسة واستعمار جديد.

يا أهلنا في تونس: هل تقبلون إعطاء أعراضكم وأموالكم وأرزاقكم ومصالحكم وتعليم أبنائكم وتربيتهم ومستقبلهم وثروات بلدانكم وسائر عباداتكم.. هل تقبلون إعطاءها للقوانين الوضعية لتعبث بكم وبأمتكم وبدينكم وتقر فيكم الفاحشة والباطل وما يغضب الله ورسوله ويعلن الحرب عليهما؟

يا أهلنا في تونس: هل تعطون قيادتكم لأشخاص درّبهم الغرب ووعدهم ووعدوه ورضي عنهم ورضوا عنه وهم رويبضات لا يقدرون على تسيير منجم واحد في البلاد، فما بالك ببلد يطلب العزة.. لا يقدرون على إحصاء ثروات البلاد، فما بالك بحسن القيام عليها وحسن توزيعها.. والكثير منهم لا يعرف من دينكم حتى أركانه وبديهياته، فما بالك بأحكامه العظيمة.. والكثير منهم من الساخرين الهازئين بالأمة وتاريخها ودينها.

يا أهلنا في تونس: أقيموا دينكم عزيزا، عقيدة وشريعة، لتكتشفوا ما في هذا الدين من كنوز وعظمة، وما في أبناء هذه الأمة من طاقات ذكاء وتقوى، ولتكتشفوا ما في بلادكم من ثروات هائلة وكنوز لا تكاد تنفد.. لتكتشفوا ما في بشائر رسولكم الأكرم من وعود بالخير والوحدة والعزة.. لتكتشفوا كم جوّعوكم وأنتم الأغنياء.. كم أذلوكم وأنتم الأعزاء.. كم شتّتوكم وأنتم الأمة الواحدة الموحدة.. وكم جهّلوكم جهلا وجهالة وجاهلية وأنتم أمة (اقرأ).

يا أهلنا في تونس: إخواننا.. كونوا معنا على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم متقيدين بالإسلام عاملين للتمهيد والتأسيس لدولة الإسلام.. دولة الخلافة على منهاج النبوة التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي من أيامنا على قرب وكثب ( ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ) حديث نبوي.. و حزب التحرير يعمل في العالم كله وبلاد الإسلام خاصة للقيام بالفرض وتحقيق البشارة بإذن الله…

يا أهلنا في تونس: آتاكم الله الفرصة واسعة فلا تضيقوها.. آَتاكم الله الأمر ممكنا فلا تهدروه.

قال تعالى "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب".

21 من محرم 1433 الموافق2011/12/18م

حزب التحرير تونس 
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_15729