قيم الغرب كخيار في مواجهة أفكار الإسلام

19 أفريل 2013

قيم الغرب كخيار في مواجهة أفكار الإسلام

انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

الخميس, 01 نيسان/أبريل 2010 19:57

خالد زروان

إن “حرب الأفكار” ضد الإسلام كمبدأٍ ونظام للحياة والتي أفصح الغرب بقيادة أمريكا عنها منذ عشريات من الزمن عن طريق زعمائها ومفكريها، لم يكن لمبدأٍ مهتريء قد أسس على جفا جرف هار، الذي هو الحل الوسط، أن يقوم بها ذاتياً. فلقد سارت الرأسمالية  بقيادة أمريكا، بسبب العجز الفكري الذاتي، في احتوائها لصعود الإسلام عن طريق الاستباق السياسي- العسكري، ثم تراأى عجز ذلك الخيار خصوصاً بعد إحتلال أفغانستان ثم العراق عسكرياً، فتم تطوير خيارات جديدة أهمها “حرب القيم”. فما الفرق بين “حرب الأفكار” التي حسمت بخسارة فادحة للرأسمالية أمام أفكار الإسلام، والخيار الجديد الذي هو “حرب القيم”؟

إن المبدأ الرأسمالي قد بني على عقيدة الحل الوسط بين الكنيسة والإقطاع. فهو لم يكن نتيجة حسم عقلي في اسئلة العقدة الكبرى كما حسم الإسلام بطريقة عقلية. وإنما كان نتيجة للإلتواء أيضاً على ذلك البحث العقلي وذلك بتجاهل أي دور للخالق في الحياة -رغم إعترافه به- فصلاً للصراع بين الكنيسة والإقطاع.

فالمبدأ الرأسمالي يقول إن الخالق قد خلق ولكنه لا يدبر شؤون من خلق. ولا يهمه الآخرة بل ما يهمه هو الدنيا فقط. وليس له أي صلة بما قبل الحياة الدنيا وما بعدها وإنما يعيش على هواه ويسعد بتحصيل أكبر قسط من المتع الجسدية.

فالمبدأ الرأسمالي هو مبدأ اللامبدا. ليس له في حرب الأفكار والمبادئ رصيد. وأسلوبه الوحيد هو الإلتواء على الأفكار وإجتناب مواجهتها واجتناب محاولة حلها عقلياً، فالحلول في المبدأ الرأسمالي مبنية على أساس مهترئ لا يقوى على الصمود عقلياً أمام حلول الإسلام المبنية على عقيدة عقلية. واللافت أن حرب المبادئ والأفكار قد حسمت ضد الرأسمالية بدون المسلمين. فقد كان صراعاً بلاعب واحد يتصارع فيه اللاعب الرأسمالي فقط مع ما يتوصل إليه عقله من عجز للرأسمالية في معالجة مشاكل الواقع مقابل ما يجد لنفس تلك المشاكل من حلول في الإسلام.

كذلك فإن المبدأ الرأسمالي هو المبدأ اللاأخلاقي، تعريفاً.

وقد ظهرت منذ عشريات مضت في كبرى دول الغرب وفي مقدمتها أمريكا، مدارس التواصل التي تدعو إلى “خلقنة” المبدأ اللاأخلاقي في الأعمال والعائلة وعلى مستوى الفرد. وتلاقي تلك المدارس نجاحاً متصاعداً في المجتمعات الرأسمالية خصوصاً الغربية. وإنتهت في الإقتصاد إلى ماهو معلوم من الأزمة الأخلاقية العميقة التي تودي بالمبدإ الرأسمالي حالياً إلى الإنهيار الفعلي والشامل. وقد شكلت خلقنة المبدأ اللاأخلاقي أهم المعالجات المتخذة إبان الأزمة الإقتصادية الأخيرة، وقد تزعمها ساركوزي ثم اوباما وتم تعميمها، بتدخل الدولة في تنظيم إقتصاد السوق، وهو ما يضرب في الصميم الركائز الفكرية للمبدأ الرأسمالي، ثم بتطعيم الإقتصاد الرأسمالي بمعالجات إسلامية.  وبرهن خيار الخلقنة خصوصاً، بما لا يدعو مجالاً للشك أن الأزمة “الإقتصادية” انما هي أزمة مبدئية في حقيقتها وليست فقط أزمة إقتصادية دورية.

وقد أخذ صراع الغرب مع الإسلام بسبب هذا الفشل الفكري المبدئي للرأسمالية منحى آخر إتجه إلى “حرب القيم” تبلورت ملامحها خصوصاً بعد إحتلال أفغانستان والعراق.

والمشاهد أن الرأسمالية تخوض حرباً شاملة على مبدإ لا دولة له ولا نظام ولا جيوش ولا وسائل إعلام ولا معارف متقدمة في التواصل والإجتماع ولا إقتصاد ولا سياسة. مادياً، لم يعد للإسلام اليوم بعد زوال بيضته(1) دولة الخلافة إلا قلوب أفراد تؤمن به. أفراد مستضعفون من أمة قد استحوذ على مقدراتها وثرواتها العدو عن طريق أبناء الجلدة المنخرطين الفاعلين في الحرب الشاملة. ولما كان الأمر كذلك فمن البديهي أن تكون تلك القلوب هي مركز استهداف العدو ب”حرب القيم”. فخيار حرب القيم يقضي بإستهداف حامل المبدأ، أي المقومات الذاتية للإنسان حامل المبدأ، لا المبدأ ذاته بما فيه من أفكار ونظم. ف “حرب القيم” تهدف إلى غرس القيم الغربية داخل كل فرد مسلم وجعله يقيس بها وعليها كل ما يحوطه وينتج عن ذلك غرس أفكار المبدأ الرأسمالي ذاتياً وتبني معالجاته تلقائياً.

وحتى نفهم الفارق بين “حرب الأفكار” و”حرب القيم” لا بد من الوقوف على الألفاظ ومعانيها الإصطلاحية.

فالمعلوم أن المبدأ هو ما يصقل الشخصية -عقلية ونفسية-. وهي قوانين كلية ثابتة تنبع من خارج الإنسان.

وبالنسبة للمسلمين فإن المبدأ هو العقيدة الإسلامية والنظام المنبثق عنها أو المبني عليها. وهو نابع من خارج الإنسان حقيقة بإعتباره وحي منزل من خالق الكون والإنسان والحياة.

أما غير الإسلام من المبادئ -وهما الرأسمالية والشيوعية- فإن المبدأ صادر عن الإنسان -مفكرون وفلاسفة- يتخذه من آمن به مبدأً له بإعتباره من خارجه.

أما القيمة فهي الإنطباع الذاتي والغير موضوعي الذي ينبع من داخل الإنسان عن الشيء. وهي غير ثابتة وتختلف بين الأشخاص والشعوب وتختلف في الأزمان وفقاً لتطور الواقع ومنه العقل والعملية العقلية.

ف”حرب القيم” القائمة، ليس للأفكار فيها كبير دور بإعتبار العجز الفكري للمبدإ الرأسمالي، ولكنها تعتمد أساساً على الوسائل والأساليب الجديدة كالإعلام بشتى صنوفه والمعارف في شتى المجالات الإنسانية والإجتماعية ومنها معارف التواصل -خطاب الناس من أجل تحقيق هدف محدد مسبقاً، كالتأثير عليهم وكسب قلوبهم -دون عقولهم-، ودفعهم إلى تبني قيم غير موضوعية تنتهي بهم إلى يبني الحلول التي انتجتها ،… – من أجل التوصل في النهاية إلى فرض القيم الغربية بدءاً ليتوصل من خلال ذلك إلى تبني المسلمين لتلك القيم بغض النظر عن المبادئ والأفكار التي انبثقت منها أو بنيت عليها، وذلك قطعاً للطريق أمام الأفكار النابعة من العقيدة العقلية الصحيحة ألا وهي العقيدة الإسلامية. ثم تكون المعالجات الرأسمالية -الفاشلة- تلقائية ونابعة من دواخل الناس الذين قد تبنوا من قبل قيماً غربية. فلا يتوصل في النتيجة، إلى فرض المبدإ الراسمالي من خلال الإقتناع الفكري به وموافقته للفطرة -كما هو حال الإسلام- وإنما من خلال الإلتواء على الأفكار والمبادئ وإستهداف القيم بقلبها. ولكل ذي عقل، يقول الله جل وعلا:

{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ -109- لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ -110- } التوبة

وفي خضم هذه الحرب التي تدور رحاها الآن في كل ركن من أركان كل بيت مسلم وفي كل زاوية من زواياه، نلتفت حولنا لنتساءل عن مدى وعي الأمة على ما يحاك بها من خطط شيطانية قد رسمها ويشرف عليها اخصائيون محنكون ومراكز بحث ودراسات في فنون التواصل والمعارف الإعلامية والإنسانية ويباشر تنفيذها بنو جلدتنا ومؤسسات تنتسب إلى امتنا، وحركات تتخذ من الإسلام قناعاً، خداعاً من أجل جعل كل مسلم في بيته بل في تفكيره وعلاقته بنفسه وبمن يحيط به وحتى علاقته بخالقه وبآخرته أن يعتمد القيم الغربية.

وقد سخرت الإدارة الأمريكية كل الإمكانات المتاحة من أجل خوض “حرب القيم” المكلفة. فلا زلنا نذكر ميزانية ال 21 مليار دولار التي سخرتها الإدارة الأمريكية في 2005 على سنوات لوسائل الإعلام العربية ومؤسسات البحث. ويحيط أصحاب القرار الغربيون أنفسهم بخبراء وأفراد من أبناء الجلدة، عملهم طرق سبل إنجاح تبني التيار الرئيسي للمسلمين لقيم الغرب المخرجة في ثوب إسلامي، وقد اطلقوا على تلك المنظومة القيمية الجديدة إسم “الإسلام المعتدل”، وانصافاً لهذه التسمية يمكن إطلاق “الإسلام المعدل” عليها.

ومن أهم حلقات الوصل بين الإدارة الأمريكية و”الإسلام المعدل” حركات ومؤسسات وأفراد، نجد ما يسمى بمؤسسة البيس كوربس الفدرالية الأمريكية والتي تطور علاقات إجتماعية وإقتصادية وإنسانية مع مؤسسات وحركات سياسية وأفراد من البلاد الإسلامية ومن خلالها يتم توجيه الرأي العام بصفة غير مباشرة. ومن البيس كوربس نجد ال-“فراندس أوف…” ولكل بلد من بلاد المسلمين نجد مجموعة “فراندس أوف …” تهتم به. ك “فراندس أوف اجيبت” -أصدقاء مصر-، أو المغرب أو الجزائر…

كما نجد من أهم حلقات الوصل بين الأدارة الأمريكية و”الإسلام المعدل” حركات ومؤسسات وأفراد، شخصيات من مثل جون اسبوزيتو وهو أمريكي أستاذ في جامعة جورج تاون، عرف بتسويقه لخيار الحوار مع الإخوان المسلمين لدى الإدارة الأمريكية من أجل قطع الطريق أمام الخلافة أو ما يسمونه “الإسلام المتطرف”، وذلك قبل احداث سبتمبر 2001, وإنتكس سهمه بعد  أحداث سبتمبر، ولكنه يعود إلى دائرة الضوء مع إدارة اوباما. يرأس جون اسبوزيتو مركز الوليد بن طلال للحوار المسيحي الإسلامي بجامعة جورج تاون الأمريكية وهو صاحب مبادرة “كلمة سواء” ورئيسها، وهي مبادرة يشارك فيها أغلب الشيوخ وعلماء البلاط المعروفين ومنهم مثلاً مؤسسة آل البيت الملكية الأردنية أو شيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب. ومن الأعمال التي تضطلع بها مؤسسة آل البيت في إطار “كلمة سواء” مشروع “المشروع الكبير لتفسير القرآن” وهو أمر مخيف مريب إن جهل الناس دور هذه المؤسسة في “حرب القيم”.

كما نجد من أبناء الجلدة، نادية مجاهد مستشارة الرئيس الأمريكي الحالي لشؤون المسلمين التي من خلال دورها يتم الحوار الغير مباشر بين المسلمين في أمريكا -والتي يراهن تقرير راند على جعلهم السهم الحاسم في “حرب القيم”- وحركات “الإسلام المعدل” في البلاد الإسلامية.

وفي نفس السياق، تتكفل الأنظمة الجاثمة على صدور المسلمين بصفتهم وكلاء للكافر الحربي بمهمة الحفاظ على قيم الغرب وإستهجان القيم التي تشكلت من خلال وجهة نظر الإسلام في كل نواحي الحياة. فتجد مدير المدرسة أو عميد الجامعة يحرم على الفتاة لبس الحجاب ويستهجنه ويسخر منه ويتهكم على مرتديته ولا يدري أحد للحجاب ذنب إلا لأنه تشريع من رب العالمين. وتجد الشرطي الذي لا يتردد في إحالة فتاة ترتدي الحجاب إلى التحقيق -إن لم يختطفها- ولا يرى مانعاً من ملامستها وتهديدها بالإغتصاب، لا لشيء إلا لأنها تتعفف وتطيع رب العالمين في لباسها. ونرى أن مغنيات فاجرات -في نظر الإسلام- يفسح لهن مجال ساعات على التلفاز الوحيد للنظام من أجل أن تحكي لشعب بعشرات الملايين عن ماكياجها وأظافرها وسهراتها وصديقها وكلبها. ونرى مسلسلات تصور المتحجبات على انهن متخلفات، ونرى كليبات تصور أشباه رجال مخنثون، يتشبهون بالمرأة في كل سلوكاتهم، ونرى الشبكات الإجتماعية على الانترنات ومن كل لون ونوع من الفساد، ونجد طبقة من الفنانين والمثقفين الذين ارتبطت مصائرهم بمصائر الأنظمة العميلة يدفعون إلى تبني قيم الغرب، من تحرر جنسي ونبذ للزواج، ونجد منهم من يدفع بكل إنفتاح إلى الإنبطاح أمام اليهود والكافر الغازي عموماً… كل ذلك، لا علاقة مباشرة له بحرب الأفكار وإنما الهدف منه هو دفع المسلم والمسلمة تحت الطرق الإعلامي الصاخب، وقمع كل مظاهر الإسلام وتشجيع مظاهر التغريب من طرف وكلاء الكافر الحربي، إلى تقبل تقييم الغرب لكل ما يمت للإسلام بصلة بأنه صنو التخلف وعدو العلم والثقافة والتقدم والنهضة والرقي.

ورغم هذا الخطر الماحق الذي يتهدد امتنا من خلال “حرب القيم”، فإننا نجد القليل من المخلصين الذين وعوا عليه. وأقل منهم من يحاول بوسائل وأساليب لا ترقى إلى مستوى التحدي القائم عمل شيء.

وما نرجو أن يعي عليه المخلصون وفي مقدمتهم كتلة ككتلة حزب التحرير مثلاً وهي تتبنى رؤية مبلورة واضحة ونقية للإسلام وتتصدر حرب الأفكار عن الإسلام أن كسب “معركة القيم” يتطلب إتقان معارف في غاية الأهمية تمهد الطريق أمام الوسائل والأساليب المناسبة. ف”حرب القيم” لا تتطلب قوة أفكار وحسب، لأن العدو ليس له في حرب الأفكار رصيد وقد خسرها فعلاً، وهو يتفاداها أينما لقيها ويلتف عليها بإستهداف حامل الأفكار لذاته من خلال الطرق الإعلامي الصاخب لقيم الغرب، ومن خلال معارف أخرى في ميادين خطيرة كميدان التواصل مع البشر وهو ما يحقق فيه العدو نجاحاً من خلال تجنيد الكثير من طاقات الأمة إلى جانبه من خلال مبادرات ومؤتمرات، جوائز خادعة وتوظيفهم في سبيل تحقيق اهدافه.

ورغم ذلك فإن المتوكلين على الله لا ينبغي أن يزيد فيهم طغيان العدو وتشبثه بالباطل إلا استبسالاً وتشبثاً بالحق والبحث الحثيث عما يبريء الذمة من اصناف الوسائل والأساليب وصنوف المعارف الموصلة إليها.

{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ -17- لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المِهَادُ -18-} الرعد

ولا يفوت الناظر إلى الساحة الدولية أن الإسلام قادم لا محالة، ولن يوقف قدومه خيانة عميل ولا كيد الأعداء والمتآمرين، وهو وعد رب العالمين.

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} النور 55.


قضية فلسطين (1):شرعنة الجريمة ! الدكتور ماهر الجعبري

29 ماي 2012

 

 

قضية فلسطين (1):شرعنة الجريمة !
الدكتور ماهر الجعبري
 عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير / فلسطين
يعرض هذا المقال مرحلة الانتخابات الفلسطينية الأولى التي تم فيها تشريع "الخيانة"، وما رافقها وما تلاها من أجواء سياسية محلية وإقليمية، وذلك ضمن سلسلة "قضية" فلسطين.
 
بعدما طبخت بريطانيا اتفاقية أوسلو التي أنجبت سلطة خدماتية تحت الاحتلال، تداركت أمريكا الموقف، وطبخت أوسلو الثانية في القاهرة لتطوّر السلطة نحو الدور الأمني لحماية ذلك الاحتلال، بعدما اشتدت الحاجة إليه مع تصاعد النفس الجهادي وانطلاق العمليات الاستشهادية، مع منتصف التسعينات من القرن الماضي.  وفيما خرجت الأردن تماما من ساحة المواجهة "الصورية" مع الاحتلال بعد اتفاقية وادي عربة، دخلت قيادات المنظمة وعلى رأسها عرفات قفص الاحتلال، وصارت تتحرك تحت عينه وبصره وبتنسيق معه. وظلت "إسرائيل" تركز على جوانب الأمن من جهة، وعلى التطبيع والاختراق الاقتصادي من جهة أخرى. وتابعت "إسرائيل" ترويض رجالات المنظمة ليلبّوا حاجتها الأمنية، بعدما ربطت التقدم في مشروع الحل بنتائج "المشروع الأمني". وأبدى رجالات المنظمة استجابة فعّالة لمطالب "إسرائيل" ولمخططات أمريكا.
 
تمثلت البداية العملية لتلك المرحلة بإجراء الانتخابات الفلسطينية العامة الأولى عام 1996، وهي التي تمت كاستحقاق لاتفاقية أوسلو الأولى (اتفاقية أوسلو (إعلان المبادئ- حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية) 13/9/1993)، التي نصت ضمن البند الثالث منها على أن تجري انتخابات سياسية عامة ومباشرة وحرة للمجلس المنتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت إشراف متفق عليه ومراقبة دولية متفق عليها، وذلك حسب صيغة محددة ومتفق عليها مع "إسرائيل"، وأن "الانتخابات ستشكل خطوة تمهيدية انتقالية هامة نحو تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومتطلباته العادلة".
وبالطبع، فضحت تلك النصوص في الاتفاقية خطة الانتخابات التي تهدف إلى تجديد التفويض لقيادات المنظمة ورجالات السلطة لاستكمال مخطط تصفية قضية فلسطين عبر مسار أوسلو، ولم تكن بحاجة إلى جهد سياسي خاص لكشفها من شدة صراحتها (أو وقاحتها). فوقفت كافة القوى الإسلامية، ومنها حزب التحرير وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، والعديد من التنظيمات الفلسطينية ضد انتخابات السلطة، وتبلور رأي عام قوي ضد المشاركة فيها ترشيحا وانتخابا، إذ اعتبرها الجميع تنفيذا لاتفاقية أوسلو الباطلة، وخصوصا أن الاتفاقية حدّدت دور المجلس المنتخب بالسير ضمن حدودها، حيث نصت أن "كل عضو في السلطة الوطنية الفلسطينية ينضم إلى وظيفة بعد التعهد بالعمل طبقاً لهذه الاتفاقية" (اوسلو (2) القاهرة 4/5/1994).
وحسب تلك الخلفية السياسية للانتخابات، ولأنها جرت كاستحقاق لاتفاقات باطلة شرعا تُرسّخ كيان الاحتلال اليهودي على أرض فلسطين، كانت حرمة المشاركة فيها جلية واضحة، حيث أن الأعمال التي تمكّن المحتل من بلاد المسلمين محرمة بحسب قول الله تعالى: "وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً"، وهي آية في سياق خبري تفيد الطلب من المسلمين لعدم تمكين الكافرين المستعمرين من المسلمين ومن بلادهم، ولذلك تلاقت القوى الإسلامية وغيرها في فلسطين على رفض المشاركة في تلك الانتخابات.
وفي هذا السياق أصدرت حركة حماس بيانا (بيان حماس بشأن نتائج انتخابات الحكم الذاتي 24/1/1996 )، رفضت فيه الانتخابات التي اعتبرتها صورية جرت "تحت حراب المحتل الصهيوني"، ووصفتها بأنها "انتخابات أوسلو"، وأنها "انتهت بتكريس قبضة سلطة الحكم الذاتي ذات التوجه السياسي"، وأكدّت على التلاعب في الانتخابات. وكان ذلك البيان لافتا في حينه من حركة حماس، (كما تمت الإشارة إلى نداءها السابق تعليقا على انعقاد مؤتمر مدريد، ضمن الحلقة السابقة من هذه السلسلة)، وهو ما يستوجب أيضا استحضاره لدى متابعة ما استجد في المشهد الفلسطيني.
وفازت حركة فتح فيها (على نفسها) بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، وفاز رئيسها ياسر عرفات رئيساً للسلطة بأغلبية 88%، بعدما نافسته فيها عجوز فلسطينية. وأنجبت المنظمة سلطة، أخذت تنمو سياسيا وتبتلع أمها التي أنجبتها من سفاح، حتى صارت السلطة سيدة الموقف، وواجهة الحدث السياسي الفلسطيني.
وافتتح ذلك المجلس التشريعي "المنتخب" سجل جرائمه بإقرار تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني بتاريخ 24/4/1996، بعدما أكّد "رسائل الاعتراف" المتبادلة مع "الكيان الإسرائيلي"، وقرر إلغاء المواد التي تتعارض مع تلك الرسائل المتبادلة. وكان المجلس الوطني قد توقف عن الانعقاد لمدة ثلاثة سنوات بعد اتفاقية اوسلو، بعدما كانت بعض الفصائل المعارضة للاتفاقية، قد دعت في حينه لعقده من أجل اتخاذ موقف الرفض من الاتفاقية ولكن قادة المنظمة منعوا عقده لعدم سحب البساط من تحت أرجلهم، وأجلوه حتى طبخوا تلك الانتخابات الفلسطينية لشرعنة جريمتهم. وكلّف المجلس التشريعي لجنة قانونية بإعادة صوغ الميثاق الوطني (الميثاق الوطني الفلسطيني وتعديلاته)، فكان ذلك الانبطاح التشريعي انجازا تاريخيا للسلطة المنتخبة في زمن قياسي (في غضون ثلاثة أشهر)، مما أضاف تأكيدا حول الغاية الوسخة خلف انتخابات السلطة، والتي تتركز في استكمال مخطط مسيرة تصفية قضية فلسطين، وإعطاء تفويض للمفرّطين. وكان شمعون بيرز قد تحدث عن موضوع إلغاء 33 مادة من الميثاق الوطني الفلسطيني، وعلى إحداث تغييرات جوهرية في مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في كتابه "شرق أوسط جديد" الذي صدر في العام 1994، أي قبل انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني بعامين، وهو ما يؤكد أن ما يجري من انتخابات تحت الاحتلال هو في النهاية لمصلحة ذلك الاحتلال وضمن مخططاته.
وقد كان من المخطط أن تُستكمل الجريمة من خلال احتفال كبير يحضره الرئيس الأمريكي كلينتون مباشرة بعد قرار المجلس التشريعي في العام 1996 مع عدد من الزعماء الأوروبيين وبحضور رابين، كما نقل عن ستون أندرسون (حصاد ثمانين عاما من الكفاح)، ولكن مفاجأة اغتيال رابين عطلت ذلك الاحتفال، وتم تأجيل الإعلان الرسمي عن تغيير الميثاق الوطني (والذي تم لاحقا بحضور كلينتون في العام 1998).
وبعد تعديل الميثاق الوطني، أرادت أمريكا متابعة السعي لاستكمال خطوات الحل، وزاد اهتمام أمريكا بمتابعة القضية، وباشر الرئيس الأمريكي كلينتون سعيا حثيثا للتقدم بملف التسوية، ولكنها تعطلت لأسباب عدة:
مع احتدام العمليات الاستشهادية، تم عقد مؤتمر شرم الشيخ لمكافحة ما سمّوه "الإرهاب" في آذار 1996 بحضور 70 دولة، وشاركت فيه السلطة الفلسطينية، وذلك لدعم "إسرائيل" في التصدي للمقاومة وفي محاصرة حركات المقاومة وتشكيل لجنة عمل لذلك الغرض (البيان الختامي- المؤتمر الدولي لصانعي السلام)، مع أن حماس أخذت تطلق إشارات للمجتمع الدولي تبرر فيها العلميات الاستشهادية بأنها للدفاع عن النفس، وحاولت في حينه خطب ودّ المجتمعين، وأبدت استعدادها لقبول وساطة المؤتمرين في القمة "لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية"، وأعلنت "أنها مع السلام القائم على الحق والعدل وإعادة الحقوق لأصحابها"  (مذكرة حماس إلى قمة شرم الشيخ). وكانت تلك المذكرة بداية الانقلاب العلني في الخطاب على منطق رفض المؤتمرات الدولية (كما جاء في نداء حماس ضد مؤتمر مدريد الذي تم ذكره في الحلقة 11 من هذه السلسلة).
لم تجد مذكرة حماس صدى لدى المؤتمرين، وأخذت السلطة دورها في التصدي للمقاومين، وفي اتهام حركة حماس بوجود صلات خارجية مع إيران بل حتى مع "المتطرفين الإسرائيليين"، على حد تعبير عرفات بعد أيام من عقد مؤتمر شرم الشيخ.
وتزايدت فضائح قيادات السلطة في التعاون الأمني مع الاحتلال بعد مؤتمر شرم الشيخ، فمثلا نشرت جريدة "الحياة" في 17/4/1997 أن عرفات قال لديفيد ليفي على هامش مؤتمر مالطا "أعمل لمكافحة الإرهاب ولقد أوقفت العديد من المتهمين" فرد عليه ليفي: "أتمنّى أن تؤخذ إجراءات مشتركة ضد المتطرفين، لقد علمت بحادث إرهابي اليوم، لذا عدنا وأغلقنا الأراضي هذا الصباح"، فقاطعه عرفات قائلاً: "نحن أحطناكم علماً بذلك" فقال ليفي: "يجب أن نتعاون في قطاع الأمن?" (مجلة الوعي-العدد 120).
أما "إسرائيل"، فبعد أسابيع قليلة من مؤتمر شرم الشيخ، مارست إرهاب الدولة، وكان على رأسها بيرز المصنّف عند الحكام العرب من حمائم السلام، فأشعل "عناقيد الغضب"، وارتكب مجزرة قانا جنوب لبنان. ولما اجتمع مجلس الأمن لإدانة تلك الجريمة اليهودية، سترت أمريكا عورة "إسرائيل" بممارسة حق النقض (الفيتو الأمريكي) كالعادة أمام كل جرائم الاحتلال اليهودي.
 
وكالعادة، رد الحكام العرب على تلك الجريمة النكراء باتفاقهم على دفع عملية السلام في قمة جمعت عرفات والملك حسين ومبارك في الأردن في حزيران 1996، بعد لقاء عرفات مع كلينتون في واشنطن في أيار 1996.
ولكن فوز الليكود وتشكيل حكومة "إسرائيلية" برئاسة نتنياهو، عرقل الجهود الأمريكية رغم الانبطاح التام من المنظمة ورغم لهث مصر والأردن. ومن المعلوم أن حزب الليكود أكثر تطرفا في نظراته التوسعية، وفي رفض أي شكل لكيان فلسطيني يحمل معاني الدولة ولو على الورق، ولا يقبل بغير الحكم الذاتي تحت السيادة الإسرائيلية، ولا يوافق على الانسحاب الكامل من الجولان، في حين يتقبل حزب العمل –نظريا- "دويلة" فلسطينية منزوعة السلاح تمارس صلاحيات إدارية، دون سيادة حقيقية، ويقبل بمبدأ الانسحاب الكامل من الجولان لدى تحقيق المطالب الأمنية للكيان اليهودي.
 
ظلّت أمريكا تعمل على حل قضية الشرق الأوسط حسب مبدأ تلازم المسارات، وحرصت على أن يسبق المسار السوري (وتابعه اللبناني) مسار التسوية مع الفلسطينيين أو أن يتزامن معه، ولكن ذلك المسار لم يتقدم لأن "إسرائيل" مارست التفاوض برؤية تستهدف الاختراق الاقتصادي والتطبيعي (وساعدتها على ذلك بريطانيا).
وعندما وافق نتنياهو على عقد لقاء مع ياسر عرفات، هدده حلفاءه من الجناح اليميني بالانسحاب من الحكومة، فتوجه نتياهو نحو مشاريع الاستيطان، فيما تابع المحادثات ضمن حراك كاذب، فحضر قمة التباحث في عملية السلام مع عرفات والملك حسين والرئيس الأمريكي كلنتون في واشنطن في تشرين الأول 1996 مركّزا على مزيد من التكبيل لرجالات السلطة بالمتطلبات الأمنية.
وعلى أساس تلك العقلية "الإسرائيلية" الأمنية، تتابعت الاتفاقيات التفصيلية ما بين السلطة "وإسرائيل" لتزيد طين السلطة بلة، فجاءت اتفاقية الخليل في كانون ثاني 1997. وخلال المفاوضات حول اتفاقية الخليل، كانت أمريكا تجهد في استعادة مبدأ تلازم مسارات الحل، وخصوصا في ظل تعثر المسار السوري أمام تعنت "إسرائيل" بعد عودة حزب الليكود للحكم (مما تتناوله الحلقة التالية من هذه السلسلة)، لذلك عرقلت أمريكا تلك المفاوضات وحشرت أنفها في كافة تفاصيلها من أجل تعقيدها، وكانت تدفع "إسرائيل" للتشدد، فيما كان مبارك (سمسار أمريكا) يدفع الفلسطينيين للتشدد، وذلك من أجل إطالة الأزمة، وقد ذكرت مجلة السياسة الدولية في العدد 134 أن رئيس لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب في الكونغرس الأمريكي بنيامين جيلمان عرض تقريرا سنة 1997 على لجنة العلاقات الدولية بالمجلس أكّد فيه أن مصر كانت تعرقل جهود التوصل إلى اتفاق الخليل، وأنها ظلت إلى ما قبل أربع وعشرين ساعة من توقيعه تبدي معارضتها له (مجلة الوعي-العدد 139).
وبعد تعطيل المفاوضات همّ المنسق الأمريكي للمفاوضات دنيس روس بمغادرة القاهرة دون توقيع، ولكن الملك حسين تمكن في حينه من جسر الهوة بين الطرفين ودفعهما للاتفاق، فرجع روس من المطار لحضور توقيع الاتفاقية جنبا إلى جنب مع ياسر عرفات والملك حسين ورئيس وزراء كيان الاحتلال، وعزز بذلك الدور الأردني -كما رسخّته بريطانيا- في اتفاق الخليل، مما هو انعكاس للتدافع بين الدول الكبرى على الحضور السياسي.
وشرخت تلك الاتفاقية مدينة الخليل إلى قسمين، مع ترتيبات أمنية معقدة لحماية اليهود الذين سيطروا على قلب المدينة وأقاموا فيها كنيسا يهوديا، وجعلت حياة الناس فيها لا تطاق، وقد رسخت تلك الاتفاقية فكرة "إسرائيل" في تقطيع أوصال مناطق الحكم الذاتي كما فعلت في اتفاقية طابا 1995 (مشاريع التسوية السلمية للقضية الفلسطينية). وزرعت أمريكا ألغاما لعرقلة تنفيذ الاتفاقية من أجل ربط الحلول وتلازم المسارات.
وظل المفاوضون في المنظمة يوقعون على كل ما هو مذل لهم ويضر بأهل فلسطين، من تنسيق أمني ومن تمزيق للبلاد، فيما تابعت "إسرائيل" تنفيذ مخططات الاستيطان. وفي المقابل، ظلت العمليات الجهادية في تصاعد مستمر، ولم تكن فصائل المقاومة (الإسلامية على وجه الخصوص) قد أفسحت لها مكانا ضمن الأروقة الدولية على ساحة الحلول السلمية. ولذلك صعّدت "إسرائيل" من قمعها ومن جرائم القتل والتصفية للقادة الميدانيين في المقاومة.
وفي تلك الأثناء، بدأت رائحة فساد رجالات السلطة تنتشر، حيث تكشّف عدد ممن اعتبروا أنفسهم من "المناضلين القدامى" عن نماذج مهترئة من الموظفين المأجورين والمندفعين نحو مصالحهم، وكشف بعضهم عمّا تمرس به من فساد ضمن أجهزة المنظمة قبل السلطة، وتعالت الأصوات الفاضحة والمطالبة بالمحاسبة والتغيير: منها أن تقرير المراقب لميزانية السلطة الفلسطينية في أيار 1997 أبرز اختفاء ما يزيد عن 300 مليون دولار، ومن ثم أثبتت لجنة تحقيق شكّلها مجلس السلطة التشريعي أن غالبية الوزراء وأصحاب النفوذ في السلطة فاسدون ومختلسون، وأوصت اللجنة بحل مجلس الوزراء وإحالة الوزراء المتورطين للتحقيق ومن ثم للمحاكمة (منهم نبيل شعث، وجميل الطريفي، وعلي القواسمة، وياسر عبد ربه، وغيرهم) (مجلة الوعي-العدد 123). ونشرت جريدة الحياة مقابلة مع حيدر عبد الشافي في 20/10/1997 تحدث فيها عن الفساد والكسب غير المشروع، وطالب بإحداث تغيير وزاري، وتقديم المخالفين في قضايا الفساد إلى النائب العام.
ودفعت تلك الرائحة المنتشرة ياسر عرفات للالتفاف على مطالبات مكافحة الفساد من خلال الإعلان عن تشكيل وزاري "مجدّد" في آب 1998، يغطي فيه ما تكشّف من عورات سلطته دون تغيير جوهري، إذ أبقى كافة الوزراء القدامى رغم ما لحق بهم من تهم الفساد وسوء الإدارة، والتفّ على مطالبات إقالتهم بإضافة عشرة وزراء جددليُسكت الأصوات.
وهكذا أكدت المنظمة أنها تصر على خطف قضية فلسطين لتبقيها رهينة في أيدي الفاسدين والمتآمرين، فهم من يتأهلون طبيعيا لأن يستمروا في نهج الانبطاح أمام مطالب "إسرائيل" الأمنية.
 
وصار للسلطة رجالاتها الذين يتعايشون مع الاحتلال ويرتعون بالفساد، ولكن الاتفاقيات لم تؤد إلى منجزات تُرضي نتياهو وحكومته، فلم تتابع "إسرائيل" خطة إعادة انتشار قواتها، ولم توسّع من نطاق السلطة. وظلت المقاومة ضد الاحتلال مشتعلة، وتصاعدت العمليات الجهادية والاستشهادية، بينما قدّمت السلطة (ومن ورائها المنظمة التي أنجبتها) كل التنازلات دون جدوى، فأخذ اليأس مأخذه من رجالات السلطة وأنزل سقف تطلعاتهم، وقبلوا باتفاقية واي ريفر (في 23/10/1998)، بالانسحاب "الإسرائيلي" الجزئي في مقابل تصعيد الدور الأمني للسلطة (The Wye River Memorandum).
تمثلت بشاعة اتفاقية واي ريفر في تركيزها على مواجهة ما أسمته "الإرهاب"، فكانت خطة أمنية بامتياز، تحت إشراف المخابرات الأمريكية (CIA)، حيث قضت بتشكيل لجان أمنية مشتركة من الفلسطينيين واليهود والمخابرات الأميركية، ونصت الاتفاقية على أن "يُشرِك الفريق الفلسطيني الولايات المتحدة في خطة عمل يُعدّها، ثم يبدأ تنفيذها فورًا، ليضمن التصدّي المنهجي والفعّال للمنظمات الإرهابية وبُناها التحتية"، وتحدثت الاتفاقية عن "التعاون الأمني الإسرائيلي- الفلسطيني الثنائي"، وعن "لجنة أمريكية- فلسطينية تجتمع مرة كلّ أسبوعين، من أجل مراجعة الخطوات المتّخذة للقضاء على دعوات الإرهابيين …"، و"يقوم الفريق الفلسطيني باعتقال الأشخاص المشتبه في ارتكابهم أعمال عنف وإرهاب، لإجراء المزيد من التحقيق معهم، ومحاكمة جميع المتورّطين في أعمال عنف وإرهاب ومعاقبتهم".
وهكذا بدت السلطة في تلك الاتفاقية وكأنها ذراع من أذرع السي أي إي الأمريكية (CIA)، لتضيف جريمة جديدة إلى سجل جرائمها، وليكون المجلس التشريعي الذي تم انتخابه شاهد زور على هذه الجرائم. وأكّد ياسر عرفات في حفل الافتتاح في البيت الأبيض انبطاح منظمته التام وكأنها فرع من وكالة المخابرات الأمريكية بالقول إن أمن إسرائيل هو أمن الفلسطينيين. وكانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قد بدأت تدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية على التجسس وجمع المعلومات والاستجواب وأساليب مخابراتية أخرى، بعلم "إسرائيل" وكان التدريب يشمل "رسميين في الأمن الفلسطيني ذوي مستوى عالٍ ومتوسط، في الولايات المتحدة منذ عام 1996"، وذلك من أجل زيادة ثقة الحكومة الإسرائيلية بالسلطة الفلسطينية، (صحيفة "نيويورك تايمز" في 5/3/1998). وقد علّق أحد أقطاب الحكومة "الإسرائيلية": "إن الاتفاق يحتوي على إنجازات لا نظير لها من وجهة نظر إسرائيل، لاسيما لجهة ضرب المعارضين الإسلاميين لعملية السلام".
وقد كان هذا التدخل الأمني الأمريكي (عبر CIA) كضامن للاتفاق وكحكم بين المتفاوضين هو نزول عملي من قبل أمريكا نحو الميدان، وبداية خطة "لتنظيف" رجالات السلطة من كل ما ليس أمريكيا، مما استغرق سنوات لتحقيقه (كما تتوج بعد استلام عباس لرئاسة السلطة). وتحوّل الراعي الأمريكي بذلك الاتفاق إلى "شريك حقيقي فاعل" على الأرض ومسيّر لعملية السلام، ومشارك في حفظ أمن "إسرائيل" من خلال اللجان المشتركة، وأخذ يحشر أنفه في كافة التفاصيل.
وعندما وافق مجلس الوزراء "الإسرائيلي" على إقرار اتفاقية واي ريفر، شدد على شرط تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني وعلى إلغاء البنود التي تدعو إلى القضاء على إسرائيل، وكانت رجالات السلطة قد أكدت من قبل أنها جاهزة للقيام بالدور الأمني الوسخ مقابل سلطة هزيلة، وأنها مستعدة للارتماء في أحضان أمريكا كما تريد، وكان المجلس التشريعي قد أقر التعديل بعد ثلاثة أشهر من انتخابه كما مر أعلاه. ولذلك استطاع الرئيس الأمريكي كلينتون أن يجمع أعضاء المجلس الوطني، واللجنة المركزية لمنظمة التحرير والمجلس التشريعي، واللجنة التنفيذية ومجلس وزراء السلطة والهيئات الفلسطينية المختلفة التابعة والمنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، للقاء المخزي الذي جرى في غزة في 14-12-1998، ليكونوا شهود زور على تحقيق مطلب "إسرائيل" وإلغاء بنود الميثاق الوطني الفلسطيني الداعية إلى القضاء على إسرائيل وإنكار حقها في الوجود. وأعلنت المنظمة عن التعديل المفروض على الميثاق الوطني الفلسطيني رسميا بحضور كلينتون (الميثاق الوطني الفلسطيني وتعديلاته)، وقد كان ذلك "العرض" المسرحي السخيف استكمالا للمشهد الذي ابتدأ مباشرة بعد انتخابات المجلس التشريعي، ولكنه كان قد تعطل باغتيال رابين في العام 1996 (كما ذكر أعلاه). وحاول عرفات أن يحظى بمكافأة التنازلات بإعلان استقلال الدولة الفلسطينية (بل تكرار إعلانها، وكان قد أعلنها عام 1988)، ولكن لقاءه مع وزيرة الخارجية الأمريكية في آذار 1999 لم يتمخض عن فرصه، فوافقه أعضاء المجلس المركزي الفلسطيني على تأجيل إعلان الاستقلال.
 
وهكذا تمثلت معالم المشهد السياسي الفلسطيني وهو يتجه لنهاية القرن العشرين بما يلي:
  •  ظلت قيادات المنظمة والسلطة التي أنجبتها من سفاح، تلهث خلف "إسرائيل" وتحقق لها ما تريد من انبطاح أمني تام، وكبّلت رجالاتها بتعهدات أمنية وضعتهم ضمن خانة العمالة لمصلحة أمن الاحتلال.
  • oتلهّت القيادات بتوزيع المكاسب والمناصب، من أجل تحصيل فاتورة "الكفاح" المدّعى.
  • oعلى الجانب الآخر، استمرت المقاومة والأعمال الاستشهادية، ولم تلقَ دعوات حركة حماس المبكرة لخطب وُد المجتمع الدولي صدى في حينه.
  • oأُدخلت الساحة الفلسطينية في مرحلة بشعة من ترويض الناس وسحب أرجلهم للغطس في مشروع السلطة، كي لا يستطيعون منه فكاكا.
  • oظل التقدم في حل القضية مرتبطا بتطورات المسار السوري (مما تفصله الحلقة التالية من هذه السلسلة).

 


أوروبا، العولمة والخلافة الكونية القادمة للكاتبة بات ييور – جانفي يناير 2012

5 فيفري 2012

Europe، Globalization and the Coming Universal Caliphate، Bat Ye'Or

تقديم كتاب: "أوروبا، العولمة والخلافة الكونية القادمة"

Europe، Globalization and the Coming Universal Caliphate، Bat Ye’Or

للكاتبة بات ييور جانفي/ يناير 2012

 

 بعد أن اصدرت سنة 2002 مقالاً حول الحوار الأوروبي الإسلامي -تسميه العربي- بعنوان "The Euro-Arab Dialogue and the Birth of Eurabia" والذي أعلنت فيه عن ميلاد ما اسمته أورابيا -EURABIA- قامت الكاتبة اليهودية الديانة المصرية الأصل والتي هجرت مصر بعد قرار تأسيس كيان يهود في أرض فلسطين، بتوسيع رؤيتها ودعمها وأصدرت كتابها "Eurabia: The Euro-Arab Axis" سنة 2005. ويعتبر بعض المفكرين أن نباهتها لا تضاهى وأن تسمية أورابيا هي تسمية تنبئية سوف يستفيق على حقيقتها الناس ذات يوم.

وفي أكتوبر 2011, نشرت الكاتبة كتابها الأخير Europe, Globalization and the Coming Universal Caliphate، Bat Ye’Or.

وقد قعدت الكاتبة تحاليلها على أساس المشهد السياسي العالمي وخصوصاً منه الأوروبي الإسلامي ومؤسساته والتحولات الإجتماعية الإقتصادية في أوروبا. وتخرج بقناعة أن أوروبا تنوء إلى الأسلمة بدون أدنى شك، وتعتبر أن الخلافة هي على وشك القيام، إن لم تقم بعد، إذ تعتبر أن المؤسسات من مثل منظمة التعاون الإسلامي وغيره من المؤسسات الأوروبية العربية هي مؤسسات للخلافة القادمة… وتقوم بربط آلي بين الخلافة والذمية تخويفاً للأوروبيين من الإسلام. 

وهذه النظرة التي كان يراها الساسة الغربيون على أنها نظرة عنصرية وإسلاموفوبيا -تخوف من الإسلام-، قد عانقوها ما إن انطلقت شرارة الثورة في البلاد الإسلامية. كامرون ثم ساركوزي ثم أنجيلا ميركيل اعلنوا تباعاً على اثر إنطلاق الثورات في البلاد الإسلامية اعترافهما بفشل ادماج المسلمين عن طريق سياسة تعدد الثقافات في مجتمعاتهم الغربية:

كامرون: "لقد سمحنا باضعاف هويتنا الجماعية. وفقا لمبدأ الدولة متعددة الثقافات، شجعنا مختلف الثقافات على العيش [. . .] في منأى عن التيار الرئيسي"

ساركوزي:"لقد كنا في غاية القلق حول هوية المهاجر، وليس بما فيه الكفاية عن هوية البلد الذي يستقبله"

ميركل: نعتت سياسة  تعدد الثقافات بأنها "فشل مطلق"!

 

لذلك تنتهي الكاتبة إلى أن الخلافة الإسلامية قائمة شاهدة امامنا…!

 

The Universal Caliphate stands before us Bat Ye’Or

Europe, Globalization and the Coming Universal Caliphate، Bat Ye’Or 

الكتاب يقع في 244 صفحة بالإنجليزية ويمكن اقتناؤه من مواقع الأنترنيت كأمازون وبرايس منستر.

 ولا يفوتنا أن نذكر هنا بمجهودات حزب التحرير في الغرب من أجل الحفاظ على ألهوية الإسلامية ومقاومة سياسات اذابتها، ونشكر بالكتيب الرائع "الهوية الإسلامية" الذي أصدره حزب التحرير والذي قدمناه على صفحات المبادرة على الرابط التالي:

http://almostanear.maktoobblog.com/%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D9%83%D8%AA%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%81/

 


توصيات مجلس العلاقات الخارجية لكيان يهود بخصوص الثورات !

2 فيفري 2012

توصيات مجلس العلاقات الخارجية لكيان يهود بخصوص الثورات !

 

 "حول النظام السياسي والربيع العربي" 

 

في بحث أصدره مجلس العلاقات الخارجية لكيان يهود في جانفي/ يناير 2012 أسماه "حول النظام السياسي والربيع العربي" يقع في 13 صفحة لعميشاي ماجن عضوة المجلس التنفيذي للمؤتمر اليهودي العالمي، تتلخص توصياته في الآتي:

"Israel has a deep vested interest in the emergence of consolidated liberal democracies in North Africa and the Middle East, and so should strive, wherever possible, to establish links with genuine democrats and to empower them where it can. "

"لإسرائيل مصلحة راسخة وعميقة في ظهور الديمقراطيات الليبرالية الموحدة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط ، ولذا يجب أن نسعى ، حيثما كان ذلك ممكنا ، لإقامة صلات مع الديمقراطيين الحقيقيين وتمكينهم حيث أمكن."

"Together with its allies, Israel would do well to closely study, monitor, and report on Islamist movements’ efforts to exploit or subvert new political openings. Military, diplomatic, and economic aid to North African and Middle Eastern countries must also be more closely coordinated by Western powers, and conditioned more stringently on substantive democratic reforms."

 جنبا إلى جنب مع حلفائها، وعن كثب،  على إسرائيل أن تدرس ، ترصد ، وتقدم التقارير عن جهود الحركات الإسلامية لاستغلال أو تخريب فرص سياسية جديدة. ويجب أيضا أن تكون المساعدات العسكرية ، والدبلوماسية والاقتصادية لدول شمال أفريقيا والشرق الأوسط  منسقة عن كثب من قبل القوى الغربية ، ومشروطة بأكثر صرامة بالاصلاحات الديمقراطية الحقيقية."

State failure means reduced threat of conventional war, but also the proliferation of unconventional threats, notably the strengthening of terrorist networks and weapon smuggling. Jihadist nodes in Yemen, Sinai, Somalia, Libya, Chad, Mali and Nigeria will be in a better position to cooperate "where central government control is weak or absent. 

"فشل الدولة يعني تهديدا انخفاض الحرب التقليدية ، ولكن أيضا انتشار التهديدات غير التقليدية ، ولا سيما تعزيز شبكات الإرهابية وتهريب الأسلحة. وسوف تكون العقد الجهادية في اليمن وسيناء ، والصومال وليبيا وتشاد ومالي ونيجيريا في وضع أفضل للتعاون حيث تكون سيطرة الحكومة المركزية ضعيفة أو غائبة."


رابط محلي للتقرير: حول النظام السياسي والربيع العربي 

http://israelcfr.com/documents/6-1/6-1-2-Magen.pdf

خالد زروان 


الثورة المضادة: ثورة أمريكية شاملة وحرب ناعمة على الإسلام بأموال وأبناء المسلمين! -بقلم خالد زروان-

15 نوفمبر 2011

  الثورة المضادة: ثورة أمريكية شاملة وحرب ناعمة على الإسلام بأموال وأبناء المسلمين!

الكشف عن ملامح الجانب الأمريكي السعودي من شبكة الإلتفاف على الثورة! 
بقلم خالد زروان
 
الثورة الأمريكية المضادة
 
 
 
"هذا سوف يدشن أعظم ثورة منذ نزول القرآن منذ ألفية ونصف تقريباً. وهذا بدوره سوف يساعد الأمريكيين على إطلاق ما أسماه الرئيس رونالد ريغان "الثورة الأمريكية الثانية" من أجل إكمال الثورة الأولى." (1) روبارت كرين (2) – جوان 2005 مصمم الثورة الأمريكية المضادة التي تحصل في تونس اليوم وفي البلاد العربية!
 
1- المقدمة
لقد كان إنحسار المشروع العلماني على النمط الفرنسي في تونس محسوساً ظاهراً للعيان منذ هروب بن علي وتعبير الناس بدون رقابة عن آرائهم. وأصبح اليوم لفرنسا أيتام لا عزاء لهم أمام ميل الناس المحسوس الظاهر للإسلام ونظامه. وفي نفس الوقت فإن النظام اللاشرعي والهيئات اللاشرعية، ومن ورائهم الغرب بطم طميمه وأنظمة المنطقة التي ترتعد فرائصها من إمكانية  صعود الإسلام للحكم، قد دفعوا الناس من خلال مسار إنتخابي إلتفافي على إرادتهم -قانون الإنتخابات مع التدليس الإعلامي- إلى التصويت على خيارات علمانية! وأدلى 46% فقط من الناس بأصواتهم -عكس تطبيل الإعلام- وأعطى معظمهم اصواتهم لمن ظنوا أنه قد يكون أقل بعداً عن الإسلام. وقد ظهرت الكثير من الدلائل والوثائق التي تشير إلى إتصالات حركة النهضة منذ مطلع العشرية الفائتة مع الإدارة الأمريكية خصوصاً. الشيء الذي ألقى لأنظمة المنطقة ولإعلامها بحبل إلتقفته من أجل التشكيك، ليس في المسار الإلتفافي على الثورة والقائمين عليه والمشاركين فيه من مثل حركة النهضة وحسب، وإنما مصلحة الأنظمة اقتضت التشكيك في ثورة شعبية عفوية برمتها، أملاً في إتقاء ثورة الشعب الذي يرزح تحت نيرها أو أملاً في إخماد ثورة هي أصلاً مشتعلة. فمن الذي يقف وراء حركة النهضة؟ وما هو مشروعهم؟ وماهو امتداده؟
 
وقبل أن ندخل في صلب الموضوع، نريد أن نشير بصفة لا تدعو مجالاً للشك إلى أن المشروع الأمريكي الذي بدأ العمل فيه منذ بداية التسعينات والمجهودات التي تبعته من أجل دعم الديمقراطية في "الشرق الأوسط" أي بلادنا الإسلامية، كانت قد وصلت إلى طريق مسدود عندما أشعل محمد البوعزيزي النار في جسده وإنطلقت شرارة الثورة في تونس. فمسار الحروب الأمريكية والصدام العسكري من أجل فرض الديمقراطية قد فشل فشلاً ذريعا وزاد من بغض المسلمين للولايات المتحدة. كذلك فإن الجمعيات المفرخة من المشروع الأمريكي والتي تأخذ تمويلات من الإدارة الأمريكية -DRL- ومن صندوق دعم الديمقراطية -NED- لم يكن لها وجود ولا أثر يذكر في الإحتجاجات قبل وحتى بعد هروب بن علي لبعض من الوقت. والشعارات المرفوعة إبتداءً في تونس كانت كلها من أجل عيش كريم وكرامة ولم يكن هناك شعار واحد يدعو إلى ديمقراطية ولا إلى حريات ولا إلى نظام رأسمالي وسوق حرة، التي كانت كلها من أسباب إنفجار بركان غضب الشعب على النظام والمنظومة والقائمين عليها! وإنما كان هذا المشروع الأمريكي كعجلة إحتياط وكان أقرب ما تحت يد الإدارة الأمريكية من أجل التحكم في ديناميكية الثورة والحد من نوعيتها وتوجيهها إلى تحقيق أهداف الإدارة الأمريكية بدل تحقيق ذاتها ومباديء الشعب الذي قام بها. ونظراً للمجهودات السابقة للإدارة  الأمريكية في المنطقة عموماً، فإنها لم تفعل غير تحريك شبكاتها التي لم يكن لها وجود ولا أثر في الثورة نظراً لانبتات طبائع أعمالهم وأفكارهم عن عمق هوية الشعب ومبدئه .
 
فحتى نكون واضحين: هناك ثورة شعب يريد تحقيق عيش كريم وعزة وكرامة وذلك بفرض ارادته النابعة من أعماقه ومن هويته الإسلامية. وهناك ثورة مضادة تعمل على: 1/ افشال تطلعات الشعب في العيش الكريم والعزة والكرامة وتريد اعادته إلى بيت الطاعة الأجنبية وتعمل على أن لا يحصل تغيير جذري يهدد أنظمة المنطقة والمنظومة الرأسمالية برمتها 2/ جعل سقف لإرادة الشعب وخطوط حمراء لها لا يجوز له أن يتجاوزها.
 
وفي أطار الثورة المضادة يندرج المشروع الغربي عموماً في تونس والمنطقة،  متحالفين في ذلك مع حركات وأحزاب وشخصيات ومع أنظمة المنطقة.
 
ولا يفوتنا هنا كذلك قبل أن ندخل في صلب الموضوع أن نذكر بكتيبين صغيرين حجماً ولكنهما قيمين من حيث المضمون ونقاء ووضوح الرؤية السياسية، صدرا أواسط التسعينات من القرن الماضي: كتيب (3) "الحملة الأمريكية للقضاء على الإسلام" الذي أصدره ووزعه حزب التحرير سنة 1996 وكتيب (4) "مفاهيم خطرة لضرب الإسلام وتركيز الحضارة الغربية" الذي أصدره ووزعه حزب التحرير سنة 1998 وسوف تفهمون بعد إكمال قراءة هذا المقال أن حزب التحرير كان بالمرصاد لما تخطط له الادارة الأمريكة منذ بدأ التفكير فيه وفضحه للأمة من أجل أن تتقيه. وهذا لعمري إنه لمن الإبداع في التفكير والعمل السياسيين وقمة في الصدق وفي وضوح الأفكار والرؤية السياسية.وبرهان على ريادة هذا الحزب والرائد لا يخذل أهله.
 
2- لماذا هذا المقال؟
 
يوم 5 نوفمبر 2011 ، صرح ويليام تايلور منسق الولايات المتحدة للتحولات في الشرق الأوسط، لوكالة الصحافة الفرنسية أن الولايات المتحدة ستكون "مرتاحة/ راضية" لفوز حركة الإخوان المسلمين بالإنتخابات المصرية. وأكد ان الولايات المتحدة سوف تحكم على  الأحزاب المنتخبة في الشرق الأوسط استنادا "على أفعالهم ، وليس على اسمائهم"! واضاف انه لم يجتمع مع مسؤولي جماعة الاخوان المسلمين في زيارته الأخيرة إلى القاهرة  ولكنه مستعد لذلك متى اتيحت الفرصة. وقال  أن ما يسمى ثورات الربيع العربي ورغبة إجراء انتخابات ديمقراطية يخلق بيئة تكون فيها جماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين قادرة على إستئصال الجماعات الارهابية ! (5)
 
في مقال بداية سنة 2010 تحت عنوان "الخيبة والخسران لمن وثق فحص الإسلام من خلال منظار الأمريكان"(6) بقلم خالد زروان، كانت لنا مقدمة جاء فيها:
"تشتد الحرب الثقافية تعقيداً خصوصاً مع تجنيد الأعداء لكثير من أبناء الأمة المستغفلين أو المضبوعين في مجهوداته الحربية.
فأمريكا تحارب الإسلام، بأبناء الإسلام، وبأموال المسلمين، ولقد صدق الله وعده رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم عندما سأله فأجابه: "يَا مُحَمَّدُ اِنِّي اِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَاِنَّهُ لاَ يُرَدُّ وَاِنِّي اَعْطَيْتُكَ لاُمَّتِكَ اَنْ لاَ اُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَاَنْ لاَ اُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى اَنْفُسِهِمْيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِاَقْطَارِهَا – اَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ اَقْطَارِهَا – حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا " صحيح مسلم – كتاب الفتن وأشراط الساعة" انتهى.
 
اليوم وبعد إنطلاق ثورة عفوية لشعب مظلوم نهاية 2010، وتكالب محاولات الغرب وأنظمة المنطقة وأحزابها المرتبطة بالأجنبي للإلتفاف عليها منذ هروب بن علي، نجد أنفسنا مجبرين على العودة إلى نفس الموضوع. موضوع محاربة عودة الإسلام إلى الحكم والدولة. حرب على الإسلام بأبناء الإسلام، وبأموال المسلمين. هذه المرة ليس فقط لكشف مؤسسات فكرية ثقافية مرتبطة بالجهد الفكري الثقافي في الحرب الناعمة على الإسلام، ولكن، وبعد أن قفز مشروع الأمريكان المعروف تحت عنوان "الإسلام المعتدل" فجأة، كجواب للإدارة الأمريكية على إنطلاق شرارة الثورة المفاجئة في تونس من مرحلة الإنسداد والعجز الفكري قبل إنطلاق الثورة إلى مرحلة تنفيذ سياسي مرتجل -نظراً لفجاءة الثورة- في إطار مشروع سياسي متكامل بدأت ملامحه الفكرية تبرز منذ سنة 1993, فإن هذا المقال نحاول أن نكشف فيه بجلاء، ملامح المشروع الأمريكي، حقيقته، من يقوم عليه وامتداده. كشف موثق لدقائق شبكة تمر إلى التجسيم السياسي لأهدافها وهي تعود في أصلها إلى إلتقاء شيوخ معممين وبعض من النخبة ذوو التوجه القومي الإسلامي من الذين قد يثق فيهم كثير من الناس، مع مستشارين للإدارة الأمريكية أواسط التسعينات، على مشروع مشترك بينهم. ونود الإشارة إلى أننا نقوم بهذا العمل تبرئة للذمة أمام الحسيب الرقيب ثم أمام امتنا وشعبنا حتى يعوا على حقيقة ما يحاك بثورتهم وما يراد بهم، عسى أن تجتمع القلوب على الوعي على هذه الثورة المضادة ولفظها لفظ النواة وتعتصم بحبل الله المتين وتمكن لدينه في الأرض بإقامة شرعه ونظامه في دولة الإسلام دولة الخلافة.
 
 
3- مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي – جامعة جورج تاون بواشنطن
 
تأسس مركز التفاهم الإسلامي المسيحي (CMCU) سنة 1993 في جامعة جورج تاون الأمريكية. وفي سنة 2005 تلقى المركز معونة قدرها 20 مليون دولار من الوليد بن طلال -من عائلة آل سعود متملكة جزيرة العرب- الذي سبق أن قدم شيكاً ب10 ملايين دولار لعمدة مدينة نيويورك اثر هجمات 11 سبتمبر 2001 ولكنه لم يقبل منه! وأصبح المركز يحمل إسم مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي وأضافوا حرف (A) رمزاً لأسم الوليد لمختصر إسمه فأصبح ACMCU.(7)). ويقوم على هذا المجلس أساساً منذ تأسيسه الدكتور جون اسبوزيتو باحث في الإسلام في جامعة جورج تاون ومستشار الإدارة الأمريكية وكما سيتضح لاحقاً عضو مؤسس ل"حلقة الأصالة والتقدم" وسط 1997 ومؤسس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية نهاية سنة 1997 الذين سنعرف بهما تالياً.
 
 
4- الشبكة الرئيسية "حلقة الأصالة والتقدم": مشروع إنقاذ حضارة غربية محتضرة وتمييع حضارة إسلامية عائدة.
 
أواسط سنة 1997 إلتقت مجموعة من كبار المستشارين والمفكرين الأمريكيين مع بعض رموز التيار الإسلامي في البلاد العربية وأعلنوا اثرها عن تأسيس "حلقة الأصالة والتقدم" "Circle oF Tradition and Progress" "COTP" (8). والمجموعة المؤسسة هي:
 
الدكتور كمال أبو المجد (مصر)- الدكتور طه جابر العلواني (فرجينيا)- الدكتور محمد عمارة (مصر)- الدكتور طارق البشري (مصر)- الدكتور دافيد ب. بوريلي (انديانا)- الدكرور شارل بوتروورث (واشنطن)- الدكتور لويس كنتوري (ماريلاند)- الدكتور جون لويس ايسبوزيتو (واشنطن) – الشيخ راشد الغنوشي (تونس) – عادل حسين (مصر)- فهمي الهويدي (مصر)- الدكتور ليونارد ب. لدجيو (واشنطن)- الدكتور عبد الوهاب المسيري (مصر)- الدكتور بشير نافع (المملكة المتحدة)- الشيخ يوسف القرضاوي (قطر)- منير شفيق (الأردن)- الدكتور أنتوني سيوليفان (ميتشيغان)- الدكتور جون فول (واشنطن)
قائمة الأسماء باللاتينية:
Dr. Kamal Abu al Majd (Egypt)- Dr. Taha Jabir Alwani (Virginia) – Dr. Mohammad Amara (Egypt)- Tariq al Bishri (Egypt)- Dr.- David B. Burrelli (Indiana)- Dr. Charles Butterworth (Washington DC)- Dr. Louis Cantori (Maryland)- Dr. John L. Esposito (Washington DC)- Sheikh Rashid al Ghannoushi (Tunisia)- Adel Hussein (Egypt)- Fahmi Huweidi (Egypt)- Dr. Leonard P.- Liggio Washington DC)- Dr. Abdelwahab al Massiri (Egypt)- Dr. Basher Nafi (United Kingdom)- Sheikh Yousuf al Qaradawi (Qatar- Munir Shafiq (Jordon)- Dr. Antony Sullivan (Michigan)- Dr. John Voll (Washington DC)
 
المشروع الملتقى عليه هو مشروع شمولي الهدف منه إصلاح النظام الرأسمالي والحضارة الغربية بصفة عامة وإدماج الحضارة الإسلامية فيها. وهذا ما جاء في إعلان نوايا الحلقة: 
 
"يحق للمشروع الحداثي النابع أساساً من عصر التنوير الأوروبي، أن يزعم تحقيق انجازات كبيرة في الميادين التقنية والسياسية الإجتماعية. ولكن الكثيرين في شتى أنحاء العالم قد لمسوا النتائج الهدامة التي احدثتها الحداثة: طغيان المادية، إنحطاط الأخلاق، إختلال شامل لميزان التنمية، تدمير العائلة والمجتمع وتراجع المعتقدات الدينية. 
 
هناك حرص مغرور وسخيف في المشروع الحداثي، بأن تحقيق الذات الإنسانية يمكن تحقيقها فقط على أسس مادية وإعتقاد في الإستقلالية المطلقة لإدراك الإنسان وقدرته المفترضة على إبتكار منظوماته الأخلاقية والثقافية بمعزل عن أي إعتقاد في شيء أسمى  منه. المشروع الحداثي، الصادر عن زعم ضحل بعقلانية متحللة من كل القيم، قد أصبح يمثل تهديداً للحياة نفسها.
 
حلقة الأصالة والتقدم قد تم انشاؤها من أجل تشجيع وتطوير الحوار والنقاش والبحوث العلمية بين أكادميين وشخصيات عامة ملتزمون بالمحافظة على القيم الدينية والتقليدية وتحقيق التقدم في العالم الإسلامي، في الغرب وفي كل مكان. سوف يكون هناك تركيز خاص على مواجهة الإفراط في الحداثة، مع ايلاء إهتمام خاص بنقد التجربة المادية، السلوكية والعلمانية الأصولية المعاصرة. كل أنشطة الحلقة سوف تكون ذات طبيعة بحثية فكرية. الحلقة سوف لن تنخرط في الدعوة لأي نوع محدد من السياسات العامة.
 
من ضمن أشياء أخرى كثيرة، سوف تشمل هذه الجهود تشجيعاً على الشمولية سواءً في الفرد أو المجتمع. الشمولية الإجتماعية التي نبحث عنها سوف تشمل حكومة مسؤولة وديمقراطية، حرية الفرد الأساسية وحقوق الإنسان ونظاماً إقتصادياً يكون حراً وإنسانياً. الذي نهدف إليه هو إنشاء توازن بين الروحي والمادي وإستعادة الذي يسمى ب"الأشياء الدائمة" لفترتنا. وبصفة أوسع، تهدف الحلقة إلى تشجيع النشاطات الفكرية المصممة من أجل إصلاح القطيعة المعاصرة بين الإقتصاد والأخلاق، بين العقل والدين وبين الإنسان والله. وقبل كل شيء، نأمل في تشجيع تفاهم أكبر بين الأديان وفي المساهمة في الإصلاح بين الشعوب وفي تعاون دولي.
 
نحن نؤمن بالقيم الغير قابلة للتغيير والتي تجلت في تعاليم جميع الأنبياء -عليهم السلام- وفي حضارات عظيمة على مر العصور. نعتقد كذلك في سمو الله وحاجة الإنسان للتوجيه الإلاهي واستمرارية أهمية الديانات النبوية للمسلمين واليهود والمسيحيين.
 
تعهد الإصلاح كان دائماً في قلب المشروع الإسلامي كما هو متداول في أعمال علماء وباحثين من أمثال الغزالي، إبن تيمية ، جمال الدين الأفغاني، محمد عبده، رشيد رضا، محمد إقبال، باقر الصدر ومالك بن نبي. كل هؤلاء المصلحين الكبار حاولوا حل المشاكل الناجمة عن الخلل المتكرر بين سعي الإنسان لتحقيق حاجاته الدنوية ورخائه المادي  من جهة وبين حقيقة الله والأولوية القصوى للمسائل الروحية، من جهة أخرى. نعتبر أن حلقة الأصالة والتقدم، مبادرة جديدة في هذا المشروع الطويل واللانهائي للإصلاح.
 
تماماً كما كانت هناك ضرورة إسلامية دائمة للإصلاح، كان هناك أيضاً دائماً بحث غربي عن الله وعن سبل الحفاظ على التراث الثقافي. الإعتقاد في قانون طبيعي متجذر في الدين وإعتراف بأهمية المزاعم من الماضي كانت سمة مميزة للفكر الغربي على الأقل منذ توماس آكويناس -توما الأكويني- Thomas Aquinas. في العصور المتأخرة، تجلت هذه الضرورة الدينية الغربية والتقاليدية نفسها في أعمال مفكرين مثل: إدموند بروك – Edmond Burke- ، إيريك فويلين -Eric Voegslin-، روسال كيرك -Russel Kirk- وجيرهارد نيامير -Gerhart Niemeyer. جميعاً، نعتقد أن الدافع  الإسلامي للأصلاح والسعي الغربي للفهم الديني توفر أساساً متيناً لمساعينا المشتركة.
 
نحن ندعم سير العلاقات الدولية على أساس احترام جميع الحضارات في العالم. نحن نعارض كل المحاولات الرامية إلى تصدير أو فرض نظم ثقافية، دعم الأنظمة الديكتاتورية، أو عرقلة التحولات الديمقراطية. إننا مقتنعون بأن محاولات إعادة اختراع الحرب الباردة مع المسلمين المستهدفين بصفتهم أعداء للغرب، أو تحديد الغرب كعدو لدود للإسلام، هي مؤسفة ويجب تجنبها. نحن متحدون في اعتقادنا بأن كل مثل هذه الصيغ المانوية سوف تعوق التعاون بين المسلمين والغرب، ومن المرجح على مر الزمن أن يكون له أثر سلبي كبير على كل من الاستقرار الدولي والسلام العالمي."
 إنتهى نص إعلان النوايا "حلقة الأصالة والتقدم" التي أسستها الشخصيات المذكورة أعلاه ومنها الغنوشي والقرضاوي ومستشارون للإدارة الأمريكية.
 
ويضيف انطوني سوليفان أحد المؤسسين في مقال له في جانفي 2001 في موقع ميديا مونيتورز (9) حول أهداف الحلقة بقوله "الهدف الذي ترمي إليه الحلقة من خلال البحث والمؤتمرات  والنشرات هو إعادة ادماج الإسلام المتوسطي والعربي في محيط العالم الغربي الذي مثل طويلاً جزءًا هاماً منه. هدف الحلقة هو تحقيق هذا في إطار عوامل المحافظة الثقافية، حاكمية ديمقراطية وحرية فردية" إنتهى.
 
وكما هو ملاحظ فإن الإشكال المطروح على الحلقة لحله هو اشكال أنتجته الحضارة الغربية وهدف الحلقة هو إنقاذ الحضارة الغربية من الإندثار وذلك بتطعيمها بقيم ومباديء نابعة من الأديان والحضارات وخصوصاً. يسمونها أرضية مشتركة تمكنهم في نفس الوقت من احتواء المسلمين في إطار نظام عالمي غير نظام الإسلام نظام دولة الخلافة الصاعدة. فكان هذا الإعلان بمثابة إعلان ميلاد دين جديد يصلح النظام الرأسمالي ويطيل في عمره. وهذا الدين، ليس من الإسلام في شيء وإن وجدنا مسلمين كالقرضاوي والغنوشي وعمارة والمسيري وغيرهم من ضمن مؤسسيه!
 
وقد مر نشاط الحلقة منذ سنة 1997 بفترات نشاط وفتور حسب الظروف الدولية. وقد قامت ببعض من المؤتمرات العلنية في أمريكا ولندن. ولكن المشروع كان يتقدم على قدم وساق ولم يتوقف لحظة وكان يتخمر وتزداد خلاياه إنتشاراً خصوصاً بين مسلمي الغرب وخصوصاً مسلمي أمريكا وبريطانيا ويزداد إنتشاره ظهوراً  في البلاد العربية خصوصاً منذ سنة 2005. والهدف هو إنشاء مرجعية فكرية للمسلمين قائمة على الأرضية المشتركة مع الأديان الأخرى. ويوم 29 جانفي سنة 2010 إلتقى العديد من المؤسسين منهم طوني سيوليفان وهو من مؤسسي الحلقة ومسؤول برامج المتوسط والشرق الأدنى في صندوق الدراسات الأمريكية بواشنطن، في ما يسمى "المعهد العالمي للفكر الإسلامي" -IIIT- بفرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إحياء الحلقة وإنعاشها (10). وتم الإتفاق على ذلك. والمعهد، أحد مؤسسيه هو طه جابر العلواني أحد أعضاء الحلقة وهو على ملك شركات مجموعة صفاء المملوكة له. وتضم المجموعة مجلس الفقه لشمال أمريكا -FIQH- الذي يرأسه وتضم المعهد العالي للعلوم الإسلامية والإجتماعية -GSISS-. وطه جابر العلواني هو رئيس جامعة قرطبة الإسلامية التي يعمل فيها لويس كانتوري أحد أعضاء الحلقة وأحد مؤسسي مركز دراسة الإسلام والديمقراطية -CSID-، مديراً! لويس كانتوري -Louis CANTORI-، مسيحي (9)، عمل مستشاراً للخارجية الأمريكية ودرس في العديد من الأكاديميات العسكرية الأمريكية -توفي سنة 2008-. 
 
ويوم 12 نوفمبر الجاري 2011, اجرت صحيفة "الأحرار" لقاءً مستفيضاً مع راشد الغنوشي، وفي تقديمه تأكيد لإمتداد نشاط هذه الحلقة إلى حدود اليوم: "أحد مؤسسي حلقة الأصالة والتقدم، التي تعنى بالحوار الإسلامي المسيحي، والتي تضم عددا من كبار المفكرين الإسلاميين والأوروبيين والأمريكيين."(11) مما يوحي بأن الحلقة حية ونشطة بعد قرار تنشيطها في جانفي 2010.
 
5- مركز دراسة الإسلام والديمقراطية -CSID- أو كما يحلو  لمؤسيسيه تسميته "مداد"، ونسميه "مضاد"، أي مضاد لثورة الشعب!
 
وفي اواخر سنة 1997 تم انشاء مركز دراسة الإسلام والديمقراطية -CSID-. وقد قام على انشائه خصوصاً جون اسبوزيتو مدير مركز الوليد بن طلال للحوار الإسلامي المسيحي بجامعة جورج واشنطن الذي كان يشغل في بداية التسعينات مستشاراً لدى وزارة الخارجية الأمريكية وكانت له علاقات وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين -من ابرزهم طه جابر العلواني- وحماس -أحمد يوسف-. ولعب لويس كانتوري أيضاً دوران بارزاً في إنشاء المركز. يشار إلى أن لويس كانتوري كان "مستشاراً" لأحمد يوسف لمدة طويلة. وكان رضوان المصمودي من ضمن مجلس الإدارة. 
 
ومهمة المركز كما يشير على صفحته على الأنترنات هي:
"إنتاج بحوث توضح إلى أي مدى تكون هذه المبادئ الغربية حلالا (جائزة) من وجهة النظر الإسلامية (أي، استنادا إلى القرآن وأقوال الرسول الكريم محمد (ص)، والمكونات الأساسية الأخرى من التقاليد الإسلامية) على أمل أن يؤدي ذلك إلى نشر المعرفة في المجتمع مسلم وأفضل تجهيز للتعامل مع تحديات اليوم."
 
وتمويل المركز من مجهودات مركز الوليد بن طلال ومن كتابة الدولة لحقوق الإنسان والشغل -DRL- في الحكومة الأمريكية ومن صندوق دعم الديمقراطية -NED-. وقد أفتى طه جابر العلواني فتوى موجودة على صفحة المركز تفيد بأن عمل المركز هو في سبيل الله وبالتالي فإن الزكاة تحل له ويحث المسلمين على الزكاة للمركز الذي صنعته أمريكا وتموله وتقوم عليه مخابراتها!
 
ونفس هذا المركز هو الذي بدأ منذ سنة 2005 بنسج إتصالات مع رموز حركة النهضة في تونس  (12) وقد خرجت وثائق ويكيليكس فاضحة لتلك الإتصالات.
وتتضح لنا تمثيلية ومراوغة المركز وبعض الناشطين البارزين في المجهود الأمريكي في تونس -رضوان المصمودي وهو من مديري المركز مع بعض الأسماء الذين كانوا يتمتعون بالدعم المالي واللوجستي الأمريكي كمركز الجاحظ ومديره صلاح الدين الجورشي ومصطفى الفيلالي وحمودة بن سلامة وهم مما يسميهم الأمريكيون البيس كوربس – Peace Corps- -وهم شبكة أصدقاء أمريكا في الخارج يجتمعون مع أصدقاء البلد من الأمريكيين بالنسبة لتونس يسمون FOT -Freinds of Tunisia – أو FOE بالنسبة لمصر- من أجل إبعاد شبهة الدعم الأمريكي عن النهضة حتى تكون لها حظوظاً أوفر في الإنتخابات  وذلك في ترشحهم إلى جانب مورو الذي ادعي قبل الإنتخابات أنه هو الذي يمثل الإسلام المعتدل في تونس وأنه لم يعد ينتمي لحركة النهضة، ولم تحصل قائمته على أي مقعد نظراً لتفطن الناس لوجود الأمريكيين فيها. ثم يعود بعد الإنتخابات ليقول أنه  لا يريد شق حركة النهضة وإنما يريد إصلاحها من الداخل (13) مع تأكيد الغنوشي بعد الإنتخابات أن مورو  لم يغادر النهضة حتى يعود إليها بل وكان قد رشحه إلى منصب رئيس الحركة في المؤتمر القادم. ويرى البعض أن مورو قد يكون المرشح الأمثل لحركة النهضة لرئاسة تونس. والغنوشي؟! الغنوشي كما سيتضح لاحقاً دوره في المشروع الأمريكي أكبر من دور رئيس لتونس! 
 
فمركز دراسة الإسلام والديمقراطية -CSID- الذي كما يحلو  لمؤسيسيه تسميته "مداد"، نسميه "مضاد"، فهو مضاد لثورة الشعب وهو منسق الثورة الأمريكية المضادة السائرة حالياً في تونس وفي المنطقة عموماً!
 
6- أمريكا من الصدام مع المسلمين إلى الحوار معهم 
 
منذ سنة 2005 وبعد أن اصطدمت نظرية صموئيل هانتينغتون (Samuel Huntington) في "تصادم الحضارات وإعادة صياغة النظام العالمي – صادر سنة 1996-" التي اتبعتها الإدارة الأمريكية بالفشل في العراق وإزداد كره وبغض المسلمين للولايات المتحدة نتيجة اجرامها وإرهابها في المنطقة برمتها، برزت دعوات من مفكرين ومراكز بحث مثل جالوب وراند توصي جميعها بوجوب بناء شبكات ممن يسمونهم "الإسلاميون المعتدلون" كتب جون اسبوزيتو سنة 2005 كتاباً مع مجموعة من الباحثين، اصدره مركز جالوب  عنوانه "هل يمكنكم سماعي الآن: ماذا يحاول مليار مسلم أن يقولوا للولايات المتحدة" وبرز كتاب "الإسلام والحوار الشامل" (14) الصادر سنة 2005 عن جامعة لندن شارك فيه العديد من كبار المفكرين والباحثين الأمريكيين والبريطانيين منهم جون اسبوزيتو وروبرت ديكسون كرين -مستشارين لرؤساء الولايات المتحدة- وقدمه الأمير حسن بن طلال -عم ملك الأردن الحالي-. كل هذه الأعمال كانت تدعو إلى الحوار مع المسلمين والبحث عن أرضية مشتركة معهم من أجل ادماجهم في النظام العالمي بدل الصراع معهم، بل وإستغلال خاصية المحافظة والقيم التي يتميز بها المسلمون من أجل مقاومة نزعة العلمانية المتطرفة في الحضارة الغربية. ثم برز سنة 2007 تقرير راند وذهب التقرير مذهباً عملياً تطبيقياً في كيفية تحديد مواصفات الإعتدال حسب المفاهيم الأمريكية وطريقة وآليات وإمكانيات إنشاء شبكات من الإسلاميين المعتدلين.
 
وإنتشرت ما يسمونها الجمعيات المدنية التي تدعو للديمقراطية كإنتشار النار في الهشيم وكان صندوق دعم الديمقراطية الأمريكي يوزع سنوياً دعماً مالياً على عشرات الجمعيات في أمريكا وفي بلادنا (تونس مصر المغرب …). 
 
7- طبيعة الثورة المضادة الأمريكية: إستلهام أنموذج للثورة من "حلقة الأصالة والتقدم" منذ سنة 2005
 
مطلع جوان 2005, كتب الدكتور روبرت كرين (2) – Dr. Robert D. Crane-  مقالاً مثيراً عنوانه "العراق: صياغة أنموذج ثورة للقرن 21" (1). وروبرت كرين الذي كان قد شارك أيضاً في كتابة "الإسلام والحوار الشامل" (11) هو مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون للشؤون الخارجية، رئيس جمعية هارفارد للقانون الدولي، ونائب مدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض سابقاً، وكان سفيراً في عهد رونالد ريغان في الإمارات العربية المتحدة ومسؤولا عن علاقات الوساطة الديبلوماسية مع جماعات الإخوان المسلمين المختلفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (2).  وهو مؤسس "مركز الحضارة والتجديد" في أمريكا، ومدير النشر في "المعهد  العالمي للفكر الإسلامي – IIIT" برئاسة طه جابر العلواني أحد أعضاء "حلقة الأصالة والتقدم" وأحد مؤسسي مركز دراسة الإسلام والديمقراطية -CSID-.
 
في مقاله يكشف -حرفياً مترجم- أن "الحركة المسكونية العالمية "حلقة الأصالة والتقدم" هي المبادرة الواعدة والأكثر تبشيراً على المستوى النظري. حلقة الأصالة والتقدم التي يقودها تقريباً الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس والبروفيسور لويس كانتوري". كما يكشف أيضاً أن مباديء الحلقة التي تم الإعلان عنها في إعلان النوايا ل"حلقة الأصالة والتقدم"  -المترجم أعلى- والذي كان قد نشره في أفريل 2000 في مجلته "The Grand Strategy of Justice" التي يصدرها المعهد الإسلامي للدراسات الإستراتيجية -أمريكي- قد ألهمت صياغة دستور العراق ويعرض مقدمة الدستور العراقي الذي صاغه  الإحتلال الأمريكي والذي يعكس نفس مباديء"حلقة الأصالة والتقدم". ويكشف أنه بصدد تفسير وتحليل مباديء الحلقة في  خمس -5- مجلدات عدد صفحات كل مجلد 500 صفحة… -يبدو أن مجلداته الخمسة لازالت تتمتع بالسرية التامة لدى الإدارة الأمريكية-! ويؤكد في خاتمة مقاله أن -حرفياً-:
"للعراقيين فرصة لجعل دستور العراق أنموذجاً للدساتير في العالم الإسلامي ومن أجل إقامة المؤسسات والسياسات اللازمة لتطبيقه. هذا سوف يدشن أعظم ثورة منذ نزول القرآن منذ ألفية ونصف تقريباً. وهذا بدوره سوف يساعد الأمريكيين على إطلاق ما أسماه الرئيس رونالد ريغان "الثورة الأمريكية الثانية" من أجل إكمال الثورة الأولى. نحن جميعاً قد ذهبنا بعيداً عن مسارها والتهديدات للحضارة العالمية تتفاقم. ولكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قال "إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَفي ِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ،فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا؛ فَلْيَغْرِسْها"" إنتهى النقل المترجم من مقال روبرت كرين.
 
سنة 2005 كانت إذاً سنة المنعرج في السياسات الأمريكية وفي إستراتيجية التعامل مع البلاد الإسلامية والإسلام والخلافة القادمة. وكانت مباديء "حلقة الأصالة والتقدم" التي كان القرضاوي والغنوشي وعمارة وشفيق والمسيري والعلواني والبشري ونافع من مؤسسيها وكان الغنوشي من قوادها، مصدر إلهام للقيام بالثورة الأمريكية الثانية، التي يتم وضعها موضع التطبيق الآن في تونس في إطار ثورة مضادة وإلتفاف على ثورة تونس المباركة من  أجل توجيهها إلى حيث تريد الإدارة الأمريكية: 1- إقصاء الإسلام نهائياً عن تنظيم شؤون الحياة والدولة والمجتمع. 2- تأبيد الإنقسام وقداسة حدود سايكس بيكو. 3- وترسيخ الثقافة الغربية. 
 
وفي هذا الإطار يجب أن تفهم كل كتابات الغنوشي وتحركاته. فليس عجيباً أن نجد الغنوشي يتبع خطى عبد الوهاب المسيري ويسير  اشواطاً أكثر منه في التأصيل للعلمانية الجزئية. فهما من نفس الحلقة. وليس عجباً أن نجد للقرضاوي فتوى تجيز القتال في صفوف الأمريكان في أفغانستان وليس عجباً أن نقرأ للقرضاوي فتوى جديدة بعنوان "خصائص الإسلام الذي ندعو إليه" (15) "يأخذ من الديمقراطية أحسن ما انتهت إليه من الصيغ والضمانات، لحماية حقوق الشعوب في مواجهة الحاكمين، ويأخذ من الاشتراكية أمثل ما انتهت إليه من الصيغ والضمانات، لحماية حقوق الفئات المطحونة في مواجهة المالكين والقادرين، ويستفيد من كل الآراء والنظريات، وإن كانت فلسفتها الأساسية مرفوضة عنده، كفلسفة فرويد، وماركس، ودوركايم." صدرت على موقعه في سبتمبر 2011 وفي خضم تكالب الثورة المضادة وخصوصاً الجانب الأمريكي منها على ثورتنا… فهم جميعاً  يعملون للتمكين للدين الأمريكي الجديد المعتمد على ما يسمونه -"الحكمة الكونية" -Universal Wisedom- والذي يشار إليه في دستور العراق والذي تريد أمريكا ترسيخه في دساتير العالم الإسلامي من خلال ثورتها المضادة الحالية. وهو ما يقارب "وحدة الأديان" في مفهومه بل وقد يطابقه!
 
ولقد إستدار الزمان اليوم كما هيئته زمن هدم الإنجليز الخلافة: مبشرون بالدين الأمريكي الجديد والثورة الأمريكية الجديدة على ثورة الأمة بدعم مباشر من الأمريكان كما كان الشريف حسين مبشراً بالثورة العربية على الخلافة بدعم مباشر من الإنجليز. وبدل لورنس العرب وفيلبي  نجد ايسبوزيتو وكانتوري وكرين. وبدل الشريف حسين ومحمد عبده وجمال ألدين الأفغاني الماسونيين نجد راشد الغنوشي ويوسف القرضاوي ومحمد عمارة وفهمي الهويدي وعبد الوهاب المسيري ومنير شفيق وغيرهم من مؤسسي حركة مسكونية عالمية تبشر بدين أمريكا الجديد المعتمد على "الحكمة الكونية"! وقود الثورة الأمريكية المضادة هم أبناء البلاد الموجودين في أمريكا والموجودين داخلها والمال مال المسلمين! ونرى عملياً إضطلاع قطر بدور مراقب تنفيذي للمشروع الأمريكي في المنطقة!
 
ونسأل الناس والأهل في تونس وفي المنطقة عموماً أن تعوا على ما يحاك بنا وأن تعدو على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالنواجذ وأن تلتفوا حول مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وحول ابنائكم من حزب التحرير وتنصروهم وتمكنوا لدين الله وتتموا ثورتكم  ثورة عودة الخلافة الراشدة النظام الوحيد الكفيل بتحقيق السعادة والرعاية والكفاية والرفاه وإستئناف الحياة الإسلامية والعيش الإسلامي للأمة وللبشرية جمعاء، وأن يلفظوا مشروع الثورة المضادة الأمريكية الذي تجلت وافتضحت جميع معالمه!
 
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} النساء 170
 
 
 
خالد زروان
 
 
المصادر
 
0- "الإسلام والحوار الشامل" الصادر في لندن سنة 2005 
 
00- تقرير راند الصادر سنة 2007
 
(1) Iraq: Developing a Model Revolution for the Twenty-First Century -2005- Robert D. Crane
رابط محلي 
 
(2) روبرت ديكسون كرين 
 
(3) الحملة الأمريكية للقضاء على الإسلام
 
(4) مفاهيم خطرة لضرب الإسلام وتركيز الحضارة الغربية
 
(5) America "Satisfied" if Brotherhood Islamists Win Egypt Elections
 U.S. Special Coordinator Says U.S. “Satisfied” If Muslim Brotherhood Wins Egyptian Elections; William Taylor Is V.P. Of U.S. Federal Organization Close to U.S. Muslim Brotherhood
 
(6) الخيبة والخسران لمن وثق فحص الإسلام من خلال منظار الأمريكان
 
(7) مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي 
 
(8)The Circle Of Tradition And Progress – A Statement of Purpose
(Initially Published in MESA Newsletter, August 1997)
 
(9) The West, Mediterranean Islam and The Search for a New Beginning by *Antony T. Sullivan  January 14, 2001
المقال مترجم للعربية: " الغرب والعالم الإسلامي البحث عن بداية جديدة"  أنطوني ت. سوليفان
 
(10) Reviving the Circle of Tradition and Progress: The Past as Prologue?
 
(11) "الشيخ راشد الغنوشى يتحدث ل.الأحرار. حول ضوابط تجديد الفكر الإسلامى" 12/11/2011
 
(12) Révélations. Six ans avant la chute de Ben Ali, Washington préparait déjà la carte islamiste pour la Tunisie
 
(13) Constituant des listes indépendantes : Cheikh Mourou pourra-t-il battre Ennahdha
 
(14) ISLAM AND GLOBAL DIALOGUE -2005- Préface par Prince Hasan Ibn Talal
 
(15) "خصائص الإسلام الذي ندعوا إليه" د. يوسف القرضاوي
 
مصادر أخرى 
 فتوى طه جابر العلواني بالزكاة لمركز دعم الديمقراطية وإعتبار عمله في سبيل الله!
 المعهد الملكي للدراسات الدينية -الأردن-
U.S. Muslim Brotherhood Hosts Tunisian Muslim Brotherhood Leader at D.C. Forum; Meets Later With U.S. Senators
أمريكا تحضر الخارطة الإسلامية ست سنوات قبل سقوط بن علي 
مركز دراسة الإسلام والديمقراطية
مدونة المصمودي على دمديجاست وتقول الكثير …
إصدار عدد 2 من المجلد رقم 2 من مجلة المسلم الديمقراطي التي يصدرها مركز دراسات الإسلام والديمقراطية الذي يرأسوه رضوان المصمودي، جوان 2000
….