يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: غريزة الجنس حصان طروادة

14 سبتمبر 2008

يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: غريزة الجنس حصان طروادة

طاقة الإنسان الحيويّة تنقسم إلى غرائز وحاجات عضويّة.
إختصارا الغرائز هي الطّاقة الحيويّة أو الرّغبات والميول التي إن لم تُلبّى أقلقت الإنسان وأضجرته ولكنّه لن يقتُله عدم تلبيتها كغريزة النّوع (الميل الفطري للجنس هو مظهر من مظاهرها) أو غريزة التّديّن (الميل الفطري للتّقديس والإحترام هو مظهر من مظاهرها) أو غريزة البقاء (الميل الفطري للتّملّك هو مظهر من مظاهرها). أمّا الحاجات العضويّة فهي إن لم تُلبّى قتلت الإنسان كالجوع والعطش.

يكون الميل الجنسي على أشدّ ما يكون عنفوانا عند سنّ الشّباب. وسنّ الشّباب هو أفضل سنيّ العمر على الإطلاق. وقد ورد في الشّباب ما لا يُحصى من الأقوال العظيمة. فالشّباب هم بإختصار: قوّة الأمّة ومستقبلها.

والإسلام بأحكامه جاء منظِّما لطريقة إشباع كلّ تلك الطّاقات الحيويّة ومنها غريزة النّوع فجعل حكم الزّواج هو الطّريقة الوحيدة لإشباع الميل الفطري للجنس. وقد حثّ الرّسول صلى الله عليه وسلم الشّباب على الزّواج إن حصلت الإستطاعة:

5121 ـ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا اَبِي، حَدَّثَنَا الاَعْمَشُ، قَالَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ وَالاَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم: { يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَاِنَّهُ اَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَاَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَاِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ} صحيح البخاري ـ كتاب النكاح

1919 – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم:‏ {‏ النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ}‏ ‏.‏ سنن ابن ماجه ـ كتاب النكاح

والأمّة الإسلاميّة هي أشبّ الأمم. فنسبة الشّباب فيها تتجاوز في أغلب أطراف البلاد الإسلاميّة ال50% وهذه النّسبة مقضّة لمضاجع الغرب الكافر خاصّة لعلمهم عن قوّة الإسلام إن تمكّن من نفوس هذا الشّباب والخطر الذي يتوقّعونه عليهم.

وقد كانت أعمال “المبشّرين” تستهدف الإسلام وتاريخه ولا تزال ولكن بدأت بعد ذلك ـ وخاصّة عند إمكانيّة الغرب الكافر إستهداف عنصر القوّة الثّاني ألا وهو الشّباب ـ أعمال ذات طبيعة أخرى أشدّ خطرا لقوّة الأدوات المستعملة ودقّة الجزء المستهدَف.

هذه الأعمال تهدف إلى إستغلال غريزة النّوع داخلنا بإثارتها وتوجيهها وهذه الغريزة أشبه ما يكون في هذه الحالة بحصان طروادة. فالميل الفطري للجنس هو حصان طروادة الذي يراهن عليه الغرب داخلنا مستهدفا عنصر القوّة الثّاني للأمّة: الشّباب.

فقد جعل الغرب الكافر له علينا أنظمة حكم تدعو لقيمه الرّخيصة وتحرص عليها وتحرسها وتستبسل في الدّفاع عنها وتموت من أجلها. وفي المقابل تزجر هذه الأنظمة من إلتزم دينه وتتابعه وتضيّق عليه وعلى أهله أوتقتله وتشجّع الشّباب وتدفعه دفعا لإرتكاب الرّذائل وإغراقه فيها.

وأمام تشجيع شرّ الخلائق حكّام البلاد الإسلاميّة على العري والإختلاط وإرتكاب الرّذائل. فغالبا ما تجد الشّابّ بين جحيمين: الشّهوات الجنسيّة التي يستثيرها الوسط العفن الذي نعيش فيه في رعاية حكّام سوء، وعنفوان شهوته ومن جهة أخرى دينه وما أمر وما نهى. وغالبا ما يفسق الشّابّ بسبب هذا فهو (أو هي ) يرى أنّ دينه لم يعد يصلح لظروف هذا الزّمن عاكسا تماما ما يجب أن يذهب إليه وهو أنّ ظروف هذا الزّمن قد خرجت تماما على ما يجب أن تكون عليه في الحياة الإجتماعيّة في الإسلام.

ففي زمان كالذي نعيشه نحن اليوم، العادة السّرّيّة هي أقلّ ما يرتكبه الشّابّ أو الشّابّة من حرام إن نجا من صحبة السّوء و”المخاللة” (إتّخاذ خليل في الحرام أي الزّنا). ولها مخلّفات لا تُمحى على النّفسيّة والحياة الزّوجيّة المستقبليّة وحياته خاصّة وذرّيّته وأمّتنا عموما.

وسبب كلّ هذه المصائب من العادة السّرّيّة إلى الزّنا والمخاللة إلى الفسق وحتّى الضّلال والكفر سببها الرّئيس هو النّظام الذي يحكم البلاد: يبثّ العري ويدعو له، يشجّع على الإختلاط وينظّم الحفلات الماجنة للطّلبة، يفتح الخمّارات والمراقص، يتنافس على جذب السّيّاح ويجعل لهم مناطق خاصّة مفتوحة، يقدّم الغربَ بحضارته الفاسدة ومدنيّته كمُثُلٍ عليا، يقدّم الممثّلات والمغنّيات الغانيات الفاسدات الفاجرات كمُثُلٍ عليا للنّجاح ويخصّص لها البرامج التّلفزيونيّة الطّويلة…. بما يؤكّد لنا جزما أنّ الغريزة الجنسيّة هي حصان طروادة الذي يراهن عليه الغربُ وأنظمته الفاسدة التي تحكمنا لإدامة إنحطاطنا وذلك بإفساد الشّباب المتعطّش لإرواء شهوته. فإذا أشبع شهوته في الحرام سهلُ بعد ذلك إفساد نفسيّته ـ أذواقه والجانب الرّوحي ـ ثمّ عقليّته إن مرئ الفسق وإنحنت نفسيّته أمامه.

لذلك لمن أراد الجهاد فهذا باب للجهاد مفتوح: دعوة الشّباب للزّواج المبكّر ودعوة الآباء لتسهيل أمر الزواج. لأنّ بهذه الطّريقة وحدها يمكننا القضاء على إستراتيجيا العدوّ في حربه الشّاملة علينا.

أدعو كلّ شابّ بلغ سنّ الجامعة ـ 18ـ 19ـ 20 سنةـ أن يؤسّس علاقة شرعيّة ـ أي يتزوّج ـ مع تفادي الإنجاب في حال عدم مقدرته المادّيّة. فتلك السّنوات والتي تليها تكون الغريزة الجنسيّة في عنفوان ثورتها خاصّة أمام العري ووسائل الإتّصال التي تدفع به أمامهم والعري الذي يغمر الشّوارع. وخاصّة أمام تشجيع شرّ الخلائق حكّام البلاد الإسلاميّة على العري والإختلاط وإرتكاب الرّذائل و العمل على إدامة العزوبة حتّى لا يصمد أمام الفساد غير القليل.

لذا حتّى نسحب البساط من تحت أقدام الأنظمة الفاسدة وحتّى يتوجّه الشّباب لما يفيدهم ويفيد أمّتنا فهذه هي نقاط إستراتيجيّة مضادّة لكسر إستراتيجيّة العدوّ:

1. يتزوّج الشّابّ عن عمر المرور إلى الجامعة 18/19/20 سنة وهو عمر فيه الكثير من النّضج ـ والزّواج يزيد في نضجه ـ.
2. أن لا تمانع الشّابة في ذلك وتنسى مسائل المهور الباهضة والأعراس الفخمة وإلخ من العوائق التي يجب النّظر إليها بنفس العين التي ننظر بها إلى الأنظمة الكافرة المسلّطة على رقابنا.
3. أن يشجّع الآباء على ذلك.

بالطّبع كلامي أعلى هي وجهة نظر شاملة وبالتّالي فالنّسبيّة ممكنة بدرجة فساد النّظام و/ أو درجة وعي الشّاب.
والله أعلم.