العقيدة العسكرية والتحصين ضد الاختراق والعمالة

24 فيفري 2010
العقيدة العسكرية والتحصين ضد الاختراق والعمالة
 
د. ماهر الجعبري
 
2/24/2010
 

تنضبط الدول بالأفكار أو بالأشخاص، وتميل نحو واحدة منهما: فهنالك كيانات سياسية تقوم على "الأشخاص" وعلى تحقيق مصالحهم ومصالح من خلفهم، وعندها تسخّر الأفكار –إن وجدت- لخدمة الأشخاص. وفي المقابل، هنالك كيانات تقوم على "الأفكار" التي تحملها الأمم وعلى تحقيق المصالح التي تحددها تلك الأفكار، وتكون الأشخاص في خدمة الأفكار.

وفي كلا الحالين (الأنظمة "الشخصانية" والأنظمة المبدئية)، لا بد من أجهزة عسكرية وأمنية تحمي تلك المصالح، وأيضا تحرس النظام السياسي وتهيئ أجواء السِّلم الداخلي لتنفيذ برامجه، سواء كان ذلك النظام ممثلا للأمة وقائما على قيمها، أو كان دخيلا على الأمة ويقوم على تنفيذ مصالح أعدائها.

يلاحظ المتابع للمشهد المحلي، تعاظم الجهود الرسمية لزرع عقيدة أمنية في الأجهزة الأمنية، في محاولات متلاحقة تَجْهد في البحث عن شعارات ثورية يمكن أن تحفظ تماسك ما يبدو مهلهلا.

ثم إن المتابعة الإعلامية لما استجد من أحداث "أمنية"، وما رافقها من اتهامات، خلال الأسبوعين الآخرين، تبرز الحاجة لوقفة فاحصة أمام الرابطة الأمنية أو العسكرية التي يمكن أن تجعل أي مؤسسة عسكرية متماسكة، ومحصّنة أمام الاختراق أو الاهتراء والتفكك.
وهذا المقال يسلط الضوء على العقيدة العسكرية وموضعها في الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية، كنظرة فكرية سياسية، بعيدا عن الدخول في لعبة الاصطياد والمحاكمة التحليلية لما طفا الحديث حوله في الإعلام في المشهد المحلي والمشهد العربي.

ليس ثمة شك أن الدول المبدئية تقوم على ما تحمل من قيم ومبادئ، وهي تستند إلى أجهزة عسكرية وأمنية تحرس أمنها وتحمي مبدأها وتصدّ العدوان الخارجي، وتحقق أمن الناس. ومن ثم فلا تحتاج تلك الدول إلى البحث عن عقيدة عسكرية لأجهزتها، لأن جنود تلك الأجهزة هم جزء من الأمة، وبالتالي فهم يحملون عقيدتها، وتكون تلك العقيدة هي قضيتهم، وجل ما يلزم هو تقوية هذه العقيدة في نفوسهم، ولا تكون رواتبهم الوظيفية حينها إلا تعويضا لهم عن انشغالهم عن كسب العيش بحماية قضايا الأمة.

وفي هذا الحالة من رفعة القيم، لا حاجة لأجهزة مخابرات تتجسس على الناس، لأن العقيدة العسكرية تكون هي نفسها عقيدة الناس، والناس أنفسهم يحمون تلك العقيدة قبل الأجهزة الأمنية، فلا يوجد حينها صراع بين الناس والدولة، ولا بين الناس وأجهزتها الأمنية.

وهذا أمر يتحقق في الأمة الإسلامية عندما يطبّق الإسلام "السياسي" في الدولة. ومن المعلوم أن الأحكام السياسية الشرعية تحرم التجسس على المسلمين وتحرّم تعذيبهم بأحكام قاطعة، وهذا بخلاف أجهزة الاستخبارات العسكرية التي ترصد اختراق الأعداء وعدتهم وعتادهم في مواجهة الأمة.

وفي المقابل، فإن الدول "الشخصانية" والكيانات السياسية العميلة لأعداء الأمة، لا تقوم على قيم الأمة، بل تقوم على ما يتناقض مع تلك القيم ويتصادم معها في الصميم، وتدور الدولة حينها حول أشخاص ورموز، يبدلون أفكارهم كلما شاءوا، بل وينقلبون على ما حملوا من أفكار، ومع ذلك يبقى الكيان السياسي لهم، محميا بقوة العسكر، ويكون ممقوتا من الناس.

وفي هذه الحالة من هبوط القيم، تحتاج الدولة لتسخير أجهزتها الأمنية كي تحمي أولئك الأشخاص الذين "يملكون" تلك الدولة ويتصرفون بذلك الكيان السياسي حسب مصالحهم ومصالح من خلفهم. وعندها من الطبيعي أن يحصل انفصام قد يتحول إلى صدام مع الحكام وأجهزتهم الأمنية.

وعندها تكون الأجهزة الأمنية من غير طينة الناس، وتكون عقيدتها الأمنية غير عقيدة الناس، بل ويصبح الرأي العام الذي تحمله الناس تهديدا لتلك الدولة "الشخصانية"، فتوَظّف الأجهزة الأمنية للتصدي لأفكار الناس، ولحماية الدولة والكيان السياسي من غضب الناس. ويصبح العسكر حينها في حرب مع الأفكار، لا يمكن بأي حال أن يكسبوها، لأن الأفكار لا تهزمها إلا الأفكار.

وبالطبع لا يجد أفراد المؤسسات العسكرية حينها فكرة معنوية يلتفون حولها، وعبثا يحاول المنظّرون والمشتغلون بالتوجيه السياسي للعسكر أن يوظّفوا بعض بريق الماضي "الثوري" لخدمة الحاضر الهابط. بل يجد العسكر أنفسهم ملتفين حول "أشخاص"، ومرتبطين من خلال الأموال التي تُضخ في تلك الأجهزة، ويتحول العمل العسكري أو الأمني من قضية تدور حول عقيدة الناس، إلى وظيفة تدور حول الأموال التي يضخّها أصحاب المصالح الشخصية والفئوية، ومن خلفهم.

وعندما تكون العسكرية وظيفة للتكسب، وتختفي منها معاني الجندية، والقيم والمبدئية، يكون العسكريّ فيها عرضة للميل نحو من يدفع أكثر، ومن هنا تبرز ثغرة الاختراق والعمالة أمام الإغراءات، والتحول عن صف الدولة إلى صف الآخر، مهما كانت طبيعة الآخر، وذلك لعدم وجود عقيدة عسكرية تحرس العسكريّ من السقوط.

أما عندما يكون الجندي مرتبطا مع الناس ومع الحاكم ومع قياداته العسكرية بالرابطة العقدية نفسها، ويحمل القيم نفسها، فهو يكون محصّنا أمام الاختراق، وعصيّا على الإغراءات، ثم إن وجود الوازع الداخلي المؤسس على تقوى الله وحب الشهادة، والتطلع لأجر الآخرة، يقوّي في الجندي معاني التضحية، ويبعد عنه السقوط في حبائل الارتباطات المعادية.

هذا التفنيد يتعلّق بالدول ذات السيادة الحقيقية على الأرض، أما أشباه الدول التي لا تقوم لها قائمة إلا بقوة "الأجنبي"، فالحالة فيها أفظع. وتلك الحصانة الأمنية لا يمكن أن توجد في كيانات سياسية تتلاقى برامجها وأعمالها مع برامج أمريكا ومع مصالحها، أو مع برامج الاحتلال ومصالحه، ولا يمكن أن توجد المناعة الأمنية في كيان سياسي يعتاش على التمويل الخارجي الذي يفرض الأجندة السياسية، ولا يسمح بعقيدة عسكرية تتناقض مع أجندته.

بل إن هذه الحالة السياسية الهابطة تضع العنصر في تلك الأجهزة على محك التفكير والموازنة بين القضية والوظيفة، فإن رجحت عنده الوظيفة، وهذا ما يحصل في غياب العقيدة العسكرية القوية، صار اهتراؤه مرهونا بتوفر الفرصة للسقوط نحو من يدفع أكثر، وخصوصا إذا أمّن له الحماية.

فحري بأي جهاز أمني يعمل على زرع عقيدة عسكرية في أفراده، أن يهضم أولًا عقيدة الأمة التي ينتمي إليها، وأن يفرز مصالح الأمة عن مصالح أعدائها، ثم أن يعمل من أجل الأمة لا في خدمة أعدائها بزي الأمة، وهذا الحال لا يمكن أن يوجد تحتل الاحتلال في بلاد المسلمين.

موقع العرب نيوز


هل سيتخلى الغرب عن حضارته لصالح حضارة الإسلام؟!

24 فيفري 2010
هل سيتخلى الغرب عن حضارته لصالح حضارة الإسلام؟!
 

 
 
باهر صالح
 
 

 
2/24/2010
 

لقد بتنا نشهد في السنوات الأخيرة وبشكل متسارع تهاوي الحضارة الغربية بحرياتها التي لطالما تزينت بها الدول الغربية وحرصت على أن تضعها نياشين على صدرها، وفي مقدمة كلام مفكريها وقادتها، وجعلتها عنواناً لدولها. ولعل الامتحان والمحك الذي بدأ يتهاوى عنده صرح الحريات هو الإسلام وأفكاره.

إذ لم تطق الدول الغربية، بقادتها وسياسييها وحتى مفكريها وإعلامييها، أن تطبق الحريات التي تنادي بها صباح مساء عند أول تحدٍ قائم أو مرتقب حتى، بينها وبين الإسلام.

فهذه أمريكا حطمت كل الحقوق والحريات لما واجهت الإسلام في العراق وأفغانستان، فداست بقدميها أدنى حقوق الإنسان بحقه في الحصول على محاكمة عادلة فلم تطق أن تحاكم من تصفهم بالإرهابيين في محاكمها هي، لا محاكم غيرها، فألقت بهم في سجن غوانتنامو كأنهم خلق جديد لا تنطبق عليهم قوانين بقية البشر، وكذا ما فعلت في أبي غريب وباغرام وقلعة غانجي حينما سحقت البشر فضلاً عن حقوقهم، ولم تبق ما تحفظ به ماء وجهها أو تستر عورتها. وما تشريع قانون الإرهاب في أمريكا إلا صرحاً شاهداً على تآكل الحريات عند أول تصادم لها مع الإسلام.

وليس الأمر في أوروبا بأحسن حالاً، ففرنسا التي تعتبر نفسها بلد الحريات، وصاحبة الثورة الفرنسية الشهيرة التي اعتبرت الدعوة للحريات أساساً لها، لم تقو على التمسك بأفكارها أمام الإسلام، رغم أنّها تعتبر الإسلام خصمها الحقيقي، فمنعت الحجاب على الرغم من أنّه يمثل أدنى حقوق الإنسان وحريته في اختيار اللباس بحسب الحرية الشخصية عندهم. وتعرقل بناء المساجد للمسلمين رغم أنّ المسجد يشكل أدنى حقوق الإنسان في حرية العبادة بحسب فكرهم. وقد وصل الأمر بعمدة فرنسي أن يقاضي سلسلة مطاعم "كويك" البلجيكية للوجبات السريعة بسبب قرارها تقديم منتجات ووجبات حلال حصرياً وبشكل كامل في 8 مطاعم تابعة للسلسلة في المدينة، وتحديداً في مناطق ذات كثافة سكانية إسلامية.

وحتى سويسرا التي اعتاد العالم الحديث رؤيتها وهي تتجنب الدخول في متاهات الصراع الدولي، والعراك السياسي، لم يسلم المسلمون فيها من التضييق، فلم تطق هي أيضاً وعلى مستوى شعبي حزبي أن تمنح المسلمين عشر معشار الحرية التي يتمتعون بها، فلاحقوا مآذن مساجد المسلمين.

وكذا الأمر في بريطانيا التي لم تتوان صحفها الشهيرة عن تأييد فرنسا في حملتها ضد البرقع والحجاب، فلم يخجل مفكروها وإعلاميوها من مناقضة أنفسهم بحربهم للحريات التي يتشدقون بها ليل نهار. وكذا الحكومة التي لم تتوان عن تطبيق قانون الإرهاب الذي لا يُبقي للمتهم كرامة أو حقوق، ويتيح للحكومة أن تبطش بمن تشاء وأينما تشاء وكيفما تشاء بذريعة الإرهاب.

والحقيقة أنّ قائمة انتهاك الغرب للحريات التي ينادي بها تطول وتطول، من قبل الدول وقادتها، والسياسيين والمفكرين والإعلاميين، فالانتهاك لا ينحصر بالقادة والحكام، فالغرب يهدم حضارته بيديه، ويتناول حرياته بالتفتيت شيئاً فشيئاً، والسبب هو العجز والهزيمة التي مُني بها في مواجهة الإسلام المتنامي والمتعاظم في نفوس أهله والمنعكس على سلوكياتهم. ولولا أنّ الغرب قد وصل إلى حالة من الإفلاس والقصور عن المواجهة الحضارية والفكرية مع الإسلام لما عمد إلى هدم حضارته وقيمه بيديه.

والأهم من ذلك أنّ فيما يحدث دلالة كافية على "خرافة" الحريات التي نادى بها الغرب، فالفكرة التي يستحيل تطبيقها وتجسيدها في أرض الواقع لا يمكن أن تكون صالحة وصحيحة. فأن تكون الفكرة قابلة للتطبيق شرط أولي في صحة أو خطأ الفكرة.

ولعل مثال الشيوعية التي عجزت قوى الاتحاد السوفيتي وجبابرته عن تطبيقها أو المقاربة من تطبيقها، حتى ولو بالحديد والنار وسيول الدماء، شاهدٌ حديث على ذلك. فما أن انهار الاتحاد السوفيتي حتى سارع أهله بالتخلي عن فكرتهم وإلقائها خلف ظهورهم، بل والتنكر لها.

فما الذي يمنع أن يكون مصير الديمقراطية بحرياتها الأربع كمصير الشيوعية والاشتراكية؟ لا شيء.

ولو أنّ الغرب اكتفى بعجزه عن تطبيق فكرته ليصل إلى نتيجة مفادها ضرورة التخلي عن مبدئه لأراح نفسه من عناء التأويلات والترقيعات التي تثقل كاهله وكاهل أمته يوماً بعد يوم. ولولا خشية الإطالة لكان تناول الأزمة المالية الحالية المتنامية والمتفاقمة خير شاهد على سوء الترقيعات، ولكان تناول تهاوي الحياة الاجتماعية في المجتمعات الغربية وتحطمها شاهد عيان على فكرتنا.

بتقديري، على الغرب وخاصة المفكرين فيه أن يعيدوا النظر في مبدئهم وحضارتهم، فلا داعي للمكابرة، ولا داعي أن يحملوا أنفسهم وأهليهم وشعوبهم إلى التهلكة تجنباً للاعتراف بالفشل. فالشعور بالمسئولية يحتم عليهم البحث عن سُبل النجاة لأمتهم. وليسلموا بأنّه كما انهارت الحضارة اليونانية والفلسفة الهندية والحضارة الرومانية والفارسية والشيوعية، من الطبيعي أن تنهار الحضارة الغربية.

وعليهم أنّ يتقبلوا فكرة صعود الإسلام من جديد، خاصة وأن حضارة الإسلام رغم انهيار دولتها لم تنهار منذ أن وُجدت منذ أربعة عشر قرناً، فنجاح حضارة الإسلام في البقاء وفي اختبار إمكانية التطبيق وحسنه وطيب أثره حريٌ أن يشكل ذلك محفزاً لدى مفكري الغرب في التفكير بشكل جدي باستبدال الحضارة الإسلامية مكان حضارتهم الغربية المتآكلة.

ولكن هذا يحتاج إلى شعور صادق وإرادة مخلصة من هؤلاء المفكرين والساسة لتخليص شعوبهم من ضنك العيش وفشل التجربة، وهذا ما لا أظنه موجوداً وخاصة في ظل تعارض ذلك مع مصالحهم الشخصية ورغباتهم الأنانية التي اعتادوا عليها والتي هي جزء من مبدئهم الفردي. ولعل القارئ يجد في هذا الرابط ما يغني عن الشرح.

موقع العرب نيوز


محاربة الإسلام من خلال نظرية التطور

24 فيفري 2010

محاربة الإسلام من خلال نظرية التطور

في جوان 2006, وقع 14 نظاما من أنظمة البلاد الإسلامية منهم أنظمة مصر، تركيا، أندونيسيا، الباكستان وإيران، على مذكرة دولية تقضي بتدريس نظرية التطور. وجاء فيها:
"ضمن المناهج العلمية التي تدرس في بعض النظم العامة للتعليم، يجري إخفاء ونفي، الأدلة العلمية ، والبيانات ، والنظريات القابلة للاختبار حول نشأة وتطور الحياة على الأرض أو الخلط بينها وبين نظريات غير قابلة للإختبار العلمي".
وتابعت : "نحث صانعي القرار ، والمدرسين ، والآباء والأمهات على تعليم جميع الأطفال حول أساليب واكتشافات العلم ، وتعزيز فهم علم الطبيعة. المعرفة بالعالم الطبيعي الذي نعيش فيه تمكن الناس من تلبية الاحتياجات البشرية وحماية الكوكب".

فماهي نظرية التطور؟
نظرية التطور يعرفها الباحث حاتم ناصر شرباتي صاحب موسوعة الخلق والنشوء، كما يلي:

{إنّ التّطور يعني التحول أو الانتقال من حال إلى حال. جاء في "لسان العرب" :- ( الطّور هو التّارة – الحال – الحد بين الشيئين، والجمع أطوار، والأطوار هي الحالات المختلفة والتارات والحدود واحدها طور )، وهو في عرف علماء التطور "التحول من نوع حي إلى نوع حي آخر".}

كما يذكر في موسوعته أن:
{نظرية التّطور ترتكز على ثلاث قواعد رئيسية كما حددتها "الموسوعة العالمية":

   1. إنّ الكائنات الحيّة تتبدل أشكالها جيلاً بعد جيل تبدلاً بطيئاً، وتنتج في النهاية أنسالاً تتمتع بصفات غير صفات أسلافها.
   2. إنً هذا التّطور قديم وُجد يوم وُجدت الكائنات، وهو السّبب في وجود كلّ الكائنات الحيّة من حيوان ونبات في هذا الكون وتلك التي انقرضت، وهذا هو "التناسخ Reincarnation " الذي تقول به بعض الديانات.
   3. إنّ جميع الكائنات الحية من حيوان ونبات مرتبط بعضه ببعض ارتباط صلة وقرابة، وكلها تجتمع عند الجد الأعلى للكائنات جميعا.}

وهذا طبعاً، ينافي ما يعتقده المسلمون من أن البشر قد خلقهم الله من ذكر وأنثى، آدم وحواء.

وقد أبرز سلمان حميد من جامعة هامبشاير في دراسة نشرتها مجلة ساينس (12 ديسمبر 2008) النسبة العالية للذين يعتقدون بخلق الإنسان في البلاد الإسلامية. وأبرز الموازاة بين نظرية التطور والإلحاد في أذهان المسلمين مما يفسر نفور المسلمين من هذه النظرية. ونبه سلمان حميد في تقريره إلى علو صوت الذين يؤمنون بالخلق وأشار إلى الكاتب التركي عدنان أوكتار المعروف تحت إسم هارون يحيى الذي أهدى سنة 2007 كتابه "أطلس الخلق" إلى العديد من الجامعيين الأمريكيين في علوم البيولوجيا والانثروبولوجيا، مما جعله يتوقع أن المعركة الكبرى التالية لنظرية التطور ستكون مع العالم الإسلامي.

ويشير الباحث إلى قلقه وانزعاجه من أن 25% فقط من الأتراك، رغم أن تركيا هي واحدة من أكثر بلدان العالم الإسلامي تعلما وعلمانية، يوافقون على أن البشر قد تطور من حيوانات سابقا له.  ويقر أن "هذه النتائج ترسم صورة كئيبة".

ويشير الكاتب إلى أن علم الأحياء "البيولوجيا" هو علم جديد نسبياً لدى المسلمين ويرى أن الرأي العام تجاهه سوف يتحدد في خلال العشرية القادمة نظراً لإرتفاع المستوى التعليمي وأهمية علوم الأحياء. ويلاحظ  أن المسلمين بسب اعتقادهم بأن الأرض قد يكون عمرها ملايين السنين -من خلال ما يمكن فهمه من آي القرآن عن طول اليوم- فإن خلقيين كعدنان أوكتار قد أمكنه ذلك بكل أريحية تقديم علم أحياء معتمداً على نظرية الخلق.

وإقتراح سلمان حميد الأساسي من أجل التحايل على رفض المسلمين لفكرة التطور هو التركيز على تقديم الجوانب التطبيقية على أنها الحجر الأساس لدراسة علم الأحياء المعاصر -ولا يفوته الإشارة إلى أن ذلك يكون رسملة للإحترام الكبير الذي يلقاه العلم لدى المسلمين-، فيقول: "لتجنب رفض واسع لنظرية التطور في العالم الإسلامي ، يمكن للعلماء تقديم النظرية بوصفها حجر الأساس لعلم الأحياء ، ثم التأكيد على تطبيقاتها (يقصد نظرية التطور) العملية."

وينبه الاكادميات العلمية في البلاد الإسلامية إلى الحذر من أسلوب تقديم ذلك إلى الناس، لأن الإسلام يلعب دوراً إجتماعياً بارزاً، ولكنه يطالب العلماء بتقديم النظرية كما هي. ويحذر من مجهودات ربط نظرية التطور بالإلحاد، لأن ذلك سوف ينهي الحوار سريعاً بلفظ المسلمين لنظرية التطور.

كما يشير إلى أن الإحترام الكبير للعلم لدى المسلمين يتيح للعلماء مكانة عالية في العالم الإسلامي ويدعو علماء الأحياء إلى إستغلال تلك المكانة من أجل كتابة المقالات في الصحف والجرائد -من أجل الدعوة لنظرية التطور-.
ويختم أنه "في الوقت الحاضر، هارون يحيى هو الأعلى صوتا في النقاش الدائر حول نظرية التطور الحاصل في العالم الإسلامي. في هذا المنعطف الحرج، لا نستطيع أن نترك المبادرة لأصحاب نظرية الخلق المسلمين."

يشار إلى أنه في أكتوبر 2009 تم الإعلان عن إكتشاف جديد -رغم كل التحفظات عن موضوع البحث والوسائل والنتائج-  قد زلزل نظرية التطور وأثار ولا زال جدلاً واسعاً بين الأخصائيين. وقد شارك في البحث حوالي 47 عالماً من كافة أنحاء العالم وأنتجوا 15 بحثاً حول هيكل "آردي" الذي أرخوه ب-4,5 مليون سنة، وذكروا أنها أنثى وتمشي قائمة على رجلين، وهو ما ينقض نتائج سابقة، والتي تقول أن الإنسان سليل قرد، أجلكم الله، المبنية على استنتاجات أقدم هيكل قد نسبوه لإنسان مؤرخ ب-2,5 مليون سنة، … إذ يتجهون الآن إلى قلب الإستنتاج بالقول بإحتمال أن القرد هو سليل إنسان، وهو ما وجد تجاوباً لدى من يسمونهم ب"الخلقيين" -أنصار "نظرية" الخلق-، إذ يوجد في النصوص المقدسة اليهودية والنصرانية كما في القرآن ما يشير إلى تحول بعض اليهود إلى قردة وخنازير…

وهذا رابط من مجلة الفلسفة -لغة فرنسية- يجمع كل الروابط المتعلقة بمواكبة الحدث كما يحتوي على ملف بيداغوجي قيم: http://www.philomag.com/fiche-philinfo.php?id=158

وبتواطؤ الأنظمة وإستخذائها، يقوم الغرب بإفساد ناشئتنا والتحايل في تمرير نظريات خاطئة من أجل إفساد عقائدهم، والإلقاء بهم في صحارى الإلحاد والتيه وهذا غيض من فيض الحرب الشاملة على الإسلام وأهله وندعو الأساتذة والباحثين ومسؤولي الجامعات والطلبة إلى أن يتفطنوا لما امضت عليه الأنظمة التي تحكمنا وأن يعملوا حثيثاً مع العاملين من أجل إستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة التي فيها تصان العقيدة الصحيحة وتسير فيها البحوث ذوات المصداقية من طرف علماء يخشون ربهم من فوقهم "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ".

أخوكم
خالد زروان

مصادر:

دراسة "الاستعداد لنظرية الخلق الإسلامي" لسلمان حميد في مجلة ساينس

إعلان تدريس نظرية التطور الذي امضى عليه 14 نظام من أنظمة البلاد الإسلامية

بيان صحفي اثر توقيع إعلان تدريس نظرية التطور

 

 


الرّدّ على أبرز ما جاء في فتوى القرضاوي في الكحول

20 فيفري 2010

الرّدّ على أبرز ما جاء في فتوى القرضاوي في الكحول

 نصّ الفتوى كاملا كما جاءت على موقعه:

{الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين. (وبعد) هذه النسبة: 0.5% خمسة من مائة في المائة – وبعبارة أخرى: خمسة في الألف – لا أثر لها في التحريم، لأنها نسبة ضئيلة جدا، وكما قال الدكتور: إنها تحدث بفعل التخمر الطبيعي، وليست مصنعة، ولذلك لا أرى حرجا من تناول هذا المشروب. والشريعة الإسلامية شريعة واقعية، ومن واقعيتها هنا: أنها وضعت قاعدة مهمة جاء بها الحديث الشريف، وهي أن “ما أسكر كثيره، فقليله حرام”. وأعتقد أن أي إنسان شرب من هذا المشروب ما شرب فلن يسكره، ولذا لا يحرم القليل منه. وأما التنصيص على هذه النسبة، فهو أمر جائز ولا حرج فيه، حتى يعرف الناس الحقيقة، ولا يصدقوا الشائعات التي يروجها بعض الناس أحيانا لأغراض شتى، وبيان الأمور على حقيقتها لا ضرر فيه بحال.وأود أن أنبه على أن هذه النسبة من الكحول وما في حكمها، إذا أضيفت عمدا إلى المشروب لغير حاجة صحية أو طبية، أو نحو ذلك، فإن من أضافها يأثم على ذلك. وإن لم يكن مؤثرا في إباحتها لشاربها. وبالله التوفيق.} إنتهى نصّ الفتوى.

 

لمن لم يتّضح له إلى حدّ الآن خطر فتوى القرضاوي وخطئها هذا تفصيل في الرّدّ على أبرز ما جاء فيها:

علّة التّحريم هي خاصّيّة الإسكار ولا شيء غيرها بتاتا.

نِسَبُ المركّبات ليس هو علّة التّشريع حتّى وإن أفصحت الكيمياء على علاقة تجريبيّة بين النِّسَب وخاصّيّة الإسكار فإنّ خاصّيّة الإسكار هي المنصوص عليها وحدها كعلّة شرعيّة. لذا ما وجب على القرضاوي التّأكُّدُ منه هو جواب السّؤال التّالي: هل حدث أن أسكر هذا المشروبُ أحدا ؟

فإن ثَبَتَ أن أسكر فقليله وإن ضَؤُل حرام.

والمناط هنا هو المشروب كاملا وليس مركّباته ونِسَبها. ذلك أنّ الحديث يخصُّ خاصّيّة الإسكار في المادّة كوحدة واحدة وليس خاصّيّة الإسكار في مركّباتها كلّ على حدة. وما دام القرضاوي قد إعتَمدَ النِّسب فإنّه بذلك يتحدّثُ عن خاصّيّة الإسكار في مركّباتها كلّ على حدة وما دامت خاصّيّة الإسكار في أحد مركّباتها هي الإسكار قطعا فإنّ تجويز شرب القليل من أحد المركّبات هو تجويز لشرب قليل من الخمر وهذا حرام.

وإنّه من دواعي الدّهشة والإستغراب يصل إلى حدود الإستهجان أن يقول شيخٌ يدّعي الفقه كلاما كهذا {إنها تحدث بفعل التخمر الطبيعي، وليست مصنعة، ولذلك لا أرى حرجا من تناول هذا المشروب} . فما يُفهمُ من قوله أنّ الخمر الطّبيعي أي الذي تخمّر طبيعيّا بدون إضافات فهو حلال ! وهل الخمر كان يُصنَعُ بالإضافات؟ إعصر عنبا ويجوز لك شُربُه في حينه ولكن إن تركتَه لبعض الوقت من عدّة أيّام إلى مئات السّنين فإنّ ذلك العصير الذي كان جائزا شُربه يتخمّرُ ويُصبح قليله حرام.

فلا دخل على الإطلاق للتّطرّق للمشروب إن كان طبيعيّا أم مصنّعا.

ثمّ إنّ الشّريعة الإسلامية ليست شريعة واقعية مطلقا. وهذا الكلام غاية في خطورته. ومعناه أنّ الأحكام يمليها عليها الواقع وهذا قطعا ليس الإسلام. فالأحكام مصدرها الوحيد هو مصادر التّشريع الأربعة: قرآن سنّة إجماع الصّحابة والقياس بمعنى أنّ الواقع هو موضع للتّفكير والتّشريع وإيجاد إجابات له وليس مصدرا للتّفكير أوالتّشريع.

هذه الجملة: {“ما أسكر كثيره، فقليله حرام”. وأعتقد أن أي إنسان شرب من هذا المشروب ما شرب فلن يسكره، ولذا لا يحرم القليل منه.} فقط كانت تكفي إن تأكّد له أنّ المشروب لم يتحقّق فيه خاصّيّة الإسكار. وهي جملة تناقض تماما ما ذكره في أوّل فتواه.

والإشكال الذي يقع فيه القرضاوي ليس جوازالتنصيص على هذه النسبة أو عدم جوازه ولكنّ الإشكال هو التّخبّط الذي يقع فيه القرضاوي ـ وكثيرٌ مثله ـ والنّاتج عن عدم وضوح حدود تداخل المسائل التّجريبيّة مع الفقه وأزيد من الشّعر بيتا وهو عدم فهم النّصّ والإستدلال به على الوجه الصّحيح في المسألة. فالنّصُّ لا يدلّ إلا على خاصّيّة الإسكار ولا شيء غير خاصّيّة الإسكار. فالمركّبات التي نجدها في المواد المُسكِرة ـ فهي خمرٌ وهي حرام ـ هي نفسها نجدها في مواد غير مسكِرة ـ فهي ليست خمرا وهي حلال ـ. فالذي يحدّد أنّ مادّة ما هي خمرٌ أم لا هي وحدها خاصّيّة الإسكار. هذا من ناحية الشّرع.

ولكن حتّى يتّضح من النّاحية العقليّة خطأ المقاربة التّجريبيّة في إستنباط الأحكام لمن لم يزل يدافع عن هذا الفهم الخاطئ لتداخل التّجريبي في إستنباط الأحكام سوف أدفع الأمر إلى حالته القصوى: أرأيتُم إن إعتبروا بفيزياء المكوّنات بعد الإعتبار بكيميائها؟ فينتقل الأمر إلى الذّرّة والإلكترون والنّترون والبروتون ثمّ إلى الكْوَارْك وتُصبِح الأحكام مجرّد نظريّات مبنيّة على فرضيّات العلم التّجريبي.

إنّ الشّرع سهل يسير والنّصّ آية في وضوحه فلمَ هذا التّعسير الذي كان بنو إسرائيل آية فيه لمّا أمرهم الله بذبح بقرة؟ إنّ هذا الدّين تامٌّ منذ أُنزلت آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } [ المائدة الآية 3] وحكم الخمر لا يقبل الإجتهاد.

أمّا إباحة شرب خليط المُسكر مع غير المسكر بقوله: {أن هذه النسبة من الكحول وما في حكمها، إذا أضيفت عمدا إلى المشروب لغير حاجة صحية أو طبية، أو نحو ذلك، فإن من أضافها يأثم على ذلك. وإن لم يكن مؤثرا في إباحتها لشاربها.} فإنّه جاء نتيجة طبيعيّة لإعتماده النِّسَب وتحليله إلى مركّبات المشروب في تحليل أو تحريم شرب المادّة بدل التّحقّق من خاصّيّة الإسكار.

ثمّ بقوله لا يأثم شارب مادة خليط بين مسكر وغير مسكر هذا هو ما يُبيحُ شُربَ الخمر ـ وخاصّة بالنّسبة للقرضاوي ـ إذا كان طبيعيّ التّخمُّر! وشُربُ الخمر حرام وإن ضَؤُلت نسبتُه.

والله أعلم.

مبادرة المستنير الثقافية


العلاقات بين الدولة التركية ودولة يهود علاقات إستراتيجية

20 فيفري 2010

العلاقات بين الدولة التركية ودولة يهود علاقات إستراتيجية

احمد الخطواني

 

بالرغم من شحن وسائل الإعلام بالتصريحات العنيفة التي تصدر عن رئيس وزراء الحكومة التركية ضد دولة يهود وضد تصرفاتها في قطاع غزة، وبالرغم من أجواء التوتر التي تسود العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، بالرغم من ذلك كله إلا أن العلاقات الأمنية والعسكرية بينهما لم تتأثر البتة، ويمكن وصفها بالاستراتيجية التي لا يمكن أن تهتز ببعض التصريحات والملاسنات من هذا المسؤول أو ذاك.

وما يدل على أن التصريحات النارية والكلمات الحادة لا تُعبّر عن حقيقة العلاقات بين الدول هو أنه بالرغم من الاحتقان السياسي والإعلامي والدبلوماسي بين المسؤولين الأتراك وبين نظرائهم اليهود، فإننا نجد أن الدولتين تعقدان صفقات تسلح جديدة بمئات الملايين من الدولارات وكأن شيئاً لم يكن، فقد نقلت القناة العاشرة بالتلفزيون (الإسرائيلي) استناداً إلى مصادر تركية أنه: "من المنتظر أن يتسلم الجيش التركي في غضون الأسابيع القليلة القادمة ست طائرات عسكرية بدون طيار من إنتاج هيئة الصناعات الجوية الإسرائيلية في صفقة تقدر قيمتها بنحو 200 مليون دولار، وأنه تم التصديق عليها بشكل نهائي عقب قيام لجنة فنية تابعة للجيش التركي بفحص تلك الطائرات"، ونقلت المصادر أيضاً عن نفس القناة أنه: "من المتوقع أن يتم إبرام صفقة عسكرية جديدة بين أنقرة وتل أبيب خلال الشهور القادمة".

إن أردوغان الذي أكد في مؤتمر الدوحة الذي عُقد مؤخراً بين أمريكا والعالم الإسلامي أنه لا يوجد شيء اسمه صراع حضارات، وأن التعايش الحضاري بين الشعوب أمراً مهماً وضرورياً، وأنه يجب أن يظل قائماً، فأردوغان هذا الذي نفى قبل ذلك عن حزبه الصبغة الإسلامية، لا يُتوقع منه أن يكون صادقاً في ثرثرته ضد كيان يهود.

إن أردوغان وجماعته في الحزب والحكومة لا شك بأنهم يسيرون وفقاً للأجندة الأمريكية في المنطقة، وقد نالوا قبل أيام المديح والثناء من الجنرالات الأمريكيين على عمل قواتهم في أفغانستان، والتي تعمل جنباً إلى جنب مع قوات حلف الناتو ضد المسلمين المستضعفين هناك.